الأكبر السيد أجلالي بن حم (١) أعانه الله وسدده ، ركب من معه هناك من الجيش السعيد والعسكر الجديد (٢) وخرج لملاقاة الباشدور المذكور اهتماما بشأنه ، وتنويها بمكانته وقدره ، وتلاقى معه هناك خارج البلاد ، ودخل مصاحبا له مع من ذكر من الجيش والعسكر السعديين إلى المحل المعين لنزوله وهي دويرة رياض قصبة المخزن هناك. فنزل بها حامدا لمولاه ، على ما خوله من منن العافية وأولاه. وبعد غروب شمس اليوم المذكور ظهر هلال جمادى الأولى الموالي لربيع الثاني (٣) المذكور ، فتبين أن دخول الباشدور المذكور لذلك الثغر كان بعد مفارقة جرم القمر لجرم الشمس وانفصاله عنها وشروعه في الاستمداد من نورها ، وفي ذلك من الدلائل الواضحة عند أرباب ذلك
__________________
(١) الباشا الجيلاني بن حم البخاري المكناسي : «حاله بطل شجاع ... فقيه ماهر في فن الحساب والوقت ... خرج بأهله من مكانة ... آخر الدولة السليمانية ... إلى أن تم الأمر للسلطان مولاي عبد الرحمن ... رجع لمكناسة ... ونظمه في سلك خاصة حاشيته إلى أن أسند إليه رياسة مشوره ... خلفه من بعده السلطان سيدي محمد ... فرشحه لعمالة مراكش ثم رده لوظيفة رياسة المشور ، وتولى عاملا على الزراهنة ، ثم ولاه ولده السلطان مولاي الحسن الأول عاملا بفاس. بعد ... واقعة ابن المدني بنيس الشهيرة وذلك عام ١٢٩٠ ه». ابن زيدان ، الإتحاف ، ٢ : ١١٠. ثم عينه عاملا على طنجة في الوقت الذي تزايد فيه مدى عتو سيرة بعض الدبلوماسيين وتجرئهم على الحكام الشرعيين. ووقعت له العديد من الاصطدامات مع أعضاء السفارة الفرنسية بطنجة سنة ١٢٩٤ ه. دورية مديرية الوثائق الملكية ، الرباط ، العدد ٤ : ٥٦. وتوفي سنة ١٢٩٥ ه بطنجة.
(٢) الأول يقصد به الجيش المغربي التقليدي الذي تعرض لهزيمتي إيسلي وتطوان ، فأرغم المخزن المغربي على القيام بتجديده ، في البداية على نسق نظام الجيش التركي الحديث. إتحاف أعلام الناس ، ٥ : ٢٣٨ ، ٢٣٩ ؛ والعز والصولة في معالم نظم الدولة ، الرباط ، (١٩٦٢ ، ٢ : ٢١٤ ، ٢١٥) منذ عام ١٢٦١ ه. وكثيرا ما كان يطلق عليه إسم «العسكر» الجديد أو النظام (كشف الغمة : ١٥) فأخذ يباشر مهمته إلى جانب الجيش المغربي التقليدي وأحدث لهذا العسكر وزارة على حدة يدعى صاحبها العلاف الكبير ، وكان لهم لباس خاص من الملف الرفيع (إتحاف ، م. س ٣ : ٥٦٨).
(٣) الخميس ٢٥ ماي ١٨٧٦ م.