ذلك الكتاب الشريف (١) ، إلتفت إلى صاحب السر المذكور ، فناولته له باصطلاح ما تقدم ، فأخذه من يدي وناوله لكبير الدولة فأظهر به فرحا وتعظيما وناوله لوزير الأمور البرانية (٢) كان متأخرا عنه عن يمينه ، وعند تمام قراءة تلك الورقة عربها الترجمان لكبير الدولة ، بل قرأها ، وكانت عنده معربة. ثم أخرج كبير الدولة ورقة وقرأها (٣) كالسر بأدب وانخفاض رأس ، وضمنه ما تقدم / ٧٩ / من الترحيب والفرح والسرور. ثم خرجنا ووصف تلك القبة لم أحط به لعدم الالتفات لذلك. وإذا كانت الأماكن العامة على الصفة السابقة ، فكيف بقبة الأمير. فخرجنا ، فأخذ أصحاب الموسيقى في عملهم ثانيا حتى خرجنا من المشور ، ورجعنا إلى الدار.
وبنفس وصولنا إليها رجع قائد المشور ، وأخبرنا أن وزير الأمور البرانية يطلب منا الطلوع إلى داره في تلك الساعة ، فرجعنا ثانيا ، ودخلنا إلى القبة الثالثة ، فوجدناه واقفا فيها ومعه رجل آخر كاشفين رأسيهما وجرى بينهما كلام (٤) ببعض ما تقدم
__________________
(١) انظر نص هذه الرسالة السلطانية المؤرخة عام ١٢٩٢ ه بالإتحاف ، ومما جاء فيها : «... فالمحقق عندنا أن تقابلوه ومن معه بما عودتهم المرة بعد المرة ... وتصدقوه فيما يذكره لكم من المصالح التي تعود بالخير على الإيالتين ... وتنظروا فيها بعين الإنصاف ... حتى يرجع مقضي الأوطار ...».
(٢) الدور ديكاز Decazes - Elie Charles Louis ولد بباريس (١٨١٩ ـ ١٨٨٦ م) شغل منصب وزارة الخارجية الفرنسية ما بين (١٨٧٣ و١٨٧٧ م) ، Bordas _ Universelle d\'histoire Dictionnaire.
(٣) ومما جاء في جواب ماك ماهون «.. فالمرجو من سعادة السفير أن يعتبر اقتبال بلدنا وفرحها به دليلا مبينا لمحبتنا في الحضرة الشريفة ... وتجعلونه أقوى دليل لتسهيل ماموريتكم بما يعود بالمنفعة على الدولتين ...». (المرجع السابق).
(٤) قدم الزبيدي خلال لقائه الأول مع وزير خارجية فرنسا يوم الجمعة ٨ يونيو سنة ١٨٧٦ م ، ما تراه الدولة المغربية من حلول مناسبة للحد من تفاحش مشكلة الحماية القنصلية ـ نسبيا ـ المطلب الأول : محفظة سفارة الزبيدي (الوثائق الملكية ، عدد ٥ : ٦٢٨).
١ ـ قصر الحماية على المستخدمين مع القناصل ، وعلى السماسرة الذين يعملون مع التجار الأجانب ، على أن لا يتجاوز عدد المحميين منهم سمسارين لكل دار تجارية كبيرة.
٢ ـ قصر الحماية التي يمنحها القناصل على سكان الموانئ وحدهم دون أن تمد إلى سكان المدن الداخلية.