بالزاج ، وبجدرانها خزائن عود محيطة بها ، وبوسطها صفان ممتدان على طولها فيه خزائن أخرى عود. وفي هذه الخزائن من أواني الزاج ما لا يقدر على وصفه ، وهناك أواني عمل التينة. وأما الخزائن التي في الوسط فطولها أقل من قامة الإنسان (١) ، وعلى وجهها أواني وأثاث ومحابق النوار / ٩٠ / مصنوع فيها صور طيور صغيرة أصغر من البرطال. في ريشها ألوان ، في أسفل كل محبقة مكينة ، داخلها تملأ (٢) بساروتها ويحرك بعد ذلك شيء بارز قرب فرجة المفتاح ، فيأخذ ذلك الطائر يتكلم بصوت الطائر المعروف عندنا بأم الحسن (٣) ، وعند تكلمه يدور يمينا ويسارا ، وفي المحبقة طائر آخر بارك كأن تحته بيضا ، لا يتكلم وإنما يلتفت كذلك عند تكلم الآخر. وهذه المحابق هناك كثيرة بقصد البيع. وهناك ثريات معلقة في السقف ، وهي ثلاثة صفوف منها على طول ذلك البراح كبيرة وصغيرة مختلفة الأشكال والمقدار. وبالجملة فهناك من أواني الزاج والأثاث عمل التينة (٤) مصطفة بتلك الخزائن مع طول هذه البقعة وعرضها ، في محيطها ووسطها ما لا سبيل إلى حصره أو وصفه. وهناك كتّاب عديدون نساءا ورجالا. وحين سمع نساؤهن بأننا هناك خرج بعضهن بقصد رؤيتنا لأنهن يستغربن زيّنا ويتعبن منا / فالتفتت إلينا إحداهن ، فتذكرت ما قيل في مثل ذلك :
بدار الزاج قمر (٥) |
|
فضحت زين العجم |
__________________
(١) تقدر ب ٥٦،١ متر.
(٢) في الأصل تملؤ. سبق قلم.
(٣) أو الحسون طائر صغير حسن الصوت ذو ألوان جميلة ، وقد هام بصوته الشعراء بالمغرب والأندلس. (المنجد).
(٤) يقصد التحف الفخارية الآتية من بلاد الصين المزخرفة بماء الذهب وألوان زاهية ، والتي تتميز بها الصناعة الصينية ، التي تنطق من طرف بعض المغاربة التينة ، وقد انتقل فن هذه الصناعة الفخارية اليدوية إلى البلاد الأوربية ، وبقيت تسمى باسمها. (الشينة أو الصينية).
(٥) هذا الشعر به خلل ببعض أشطاره. تتأرجح بين إيقاعات مختلفة : مضارع ومجتث ومجزوء الرمل.