حرسها الله ووقاها من كل باس ، وتقدمت قبلنا بقريب لأروى (١) دار المخزن هناك يقوم بها العساكرية ، فحين وصلنا لتلك الأروى وجدناها لا فرق بينها وبين ديارهم في البناء والنظافة ، ووجدنا العساكرية هناك واقفين مع الخيل ، ماسكين رصنها وهم معها في غاية التعب ، لكونها كانت تأبى الانقياد إليهم ، وتتأخر وتصهل وترفع أيديها على عادة عتقاء الفرسان والأحرار منها. فما أوصلوها لباب قبة دار المخزن إلا بجهد جهيد ، وكان كبير المخازنية يروم أن المخازنية والأعوان الذين معنا هم يقودون الخيل (٢) ، فنهاه صاحب السر المذكور عن / ١١٣ / الخوض والتكلم عن ذلك وزجره ، فسكت طالبا من سيادته الصفح عن ذلك. ثم ذكر الترجمان إذ ذاك أن المقصود من كون العسكر هو الذي يتولى قيادة الخيل هو استراحتهم من ذلك التعب ، وملاحظتهم بعين الوقار وعدم استعمالهم فيما يشق عليهم ، هذا مضمن ما ذكره الترجمان. وحين وصلنا إلى دار المخزن أذن لنا بالدخول للقبة الثالثة ، فدخلنا إليها ، فرأينا فيها من الزخاريف ما لا أحصره ، لأن المقام لم يقتض إمعان النظر في جهاتها وكثرة الالتفات. لكن هناك شوالي كبيرة وكنابيس عديدة ، كلها مبطنة بالموبر الأحمر ، وفيها أبواب كبيرة كأبواب البيوت عندنا عند نزع دففها ، ودففها بالبلار ، والعود المحيط بها مذهب ، وسواريها مورقة بالتذهيب ، وفيها ثريات عظيمة من البلار إلى غير ذلك مما لا يكيف. فلما دخلنا إلى تلك القبة قام الأمين المذكور وفتح صندوق الهدية
__________________
(١) الإصطبل أو مربط الخيل والبغال. أصحابها يكونون حنطة في القصور الملكية المغربية ، تقوم بسياسة وصيانة الخيل والبغال ومباشرة السروج (العزة والصولة ، ابن زيدان ، ١ : ١٤٥).
(٢) أصحاب الأروى ينفسمون إلى قسمين.
١ ـ العوامة يختصون بتعويم الخيل أي غسلها وسرجها وقيادتها ورعايتها وقيادة خيول السلطان والأشراف والقواد وأعيان الجند.
٢ ـ الشطابين يقومون بكنس المزابل وتوزيع التبن والعلف ... (نفس المرجع السابق).