بعضها لما له في ذلك من الأغراض ، وسقا ووضعا ، فوقف أولا في مدينة لوفاير (١) في الساعة العاشرة ونصف ، وفي طرلام (٢) في الحادية عشرة وربع ، وفي أنس (٣) في ثنتي عشرة وست دقائق ، وفي أوبرى (٤) في ثنتي عشرة وربع ، ووصلنا لمدينة الياج بعد منتصف النهار بثلث ساعة ، فتلقى للباشدور عاملها وكبراؤها ، وأخبروا أن كبير دولتهم أمره بالوقوف معنا حتييطوف بما في هذه البلدة وفي أخرى قربها ، لنرى ما لهم هناك من الفبريكات العظام التي لا توجد عند غيرهم من الأجناس ، ثم أتانا بأكداش ركبناها وسرنا إلى محل النزول ، فأنزلونا في أشرف المواضع عندهم وأنظفها ، فنزلنا في الطبقة الثانية منه ، فاتخذنا فيه صالة مزخرفة غاية لللأكل ، وأخريين للنوم. ووجدنا في هذه الطبقة بيتين من بيوت الخلاء وآخر فيه بانيو (٥) للوضوء ، وهو صندوق يتخذونه من بعض المعادن والماء ينزل إليه عند الحاجة في بزبوزين. وفي هذه المدينة من التحف واللطائف شيء كثير لا نرى في غربنا إلا أقل قليل ، وخرجت في بعض الأوقات مع الأمين ومعنا ترجمان دولتهم /١٨٥/ ورجل من كبراء عسكرهم.
وتوجهنا لبعض أسواقهم ، فاجتمع علينا جم غفير من الرجال والنساء والصبيان ، حتى كادت تسد الطريق ، وهم يتعجبون منا أكثر من تعجب غيرهم منا ، فحين رأينا ذلك رجعنا لمحلنا ، لأنهم لا يطرقهم أحد من المسلمين إلا نادرا. ومع ذلك قيل لنا نلبس بلغة من بلاغهم ، وكسوة من مساويهم إلا الطربوش فنتركه ، فنزع العمامة ليلا نصير عندهم مثلة وأعجوبة ، وهم مع ذلك لا تصدر منهم إذاية ولا مضرة ، لا من الكبير ولا من الصغير إلا ما كان من كثرة الضحك واللغط جهرا فيما بينهم. ومررنا ذات يوم في الأكداش على رجل كبير السن ، فحين رأى الباشدور قفز من موضعه
__________________
(١) محطةLouvain.
(٢) محطةTerieuant.
(٣) محطةAns.
(٤) محطةWavre
(٥) كلمة إسبانية تعني مستحم أو مغتسل (المنجد).