من التخليطة (١) التي ببيت النار بقضيب ، ويخرجه فتنحدر منه التخليطة نازلة إلى أسفل كقضيب الحلواء ، فإذا صارت رقيقة في القدر الذي يريد صنع اليد منه ، يلقي المعلم رأس القضيب من التخليطة بعن الإبريق في محل وضع اليد منه من أعلاه ، فيلتئم رأسه هناك ، فيقطع من ذلك القضيب النازل مقدار اليد بمقراض ، ويمسك رأسه الآخر بلقاط ، ويضعه ببطن الإبريق خارجا ، ويعدل اليد بقضيب آخر ، وعلى الكيفية التي يريد. ووجدنا آخرين يصنعون كؤوسا كبيرة مثل التي نتخذها لإقامة الأتاي ، ولها قوالب قد حفر في جرمها مقدارها مع التوريق الذي يرى بها ، فيأخذ المعلم القالب ، ويجعل فيه مقدار ما يصنع منه الكأس الواحد ، ثم يحرك المكينة فينزل طرف من الحديد مثل باطن الكأس في القدر ، فيقوص التخليطة التي في وسط القالب ، حتى لا يبقى بين رأس هذا الطرف وقعر القالب إلا مقدار قعر الكأس ، فيرتفع القالب عنه ، فيخرجون القالب ، ويفتح ويخرج منه كأس مورق تام الهيئة ، فيوضع في محل آخر حتى يبرد ، وهكذا عملهم. ثم خرجنا من هذا الدار بعد ما رأينا في محل منها صناديق مملوءة بتراب أحمر ورماد.
فسئل عنها فقيل هي تخليطة الزاج (٢) ، فقيل ما هي فقيل ثلاثة أجزاء من الرملة ، وجزءان من الزرقطون ، وجزء واحد من رماد العود ، وفي هذه الدار عشرون مائة من الخدمة كما ذكر ، في طباقاتها أواني من الزاج والبلار أشكال مختلفة ، /١٩٩/ ولا أظن شيئا من ذلك يجلب لغربنا بقصد التجارة لغلائه وارتفاع ثمنه.
__________________
(١) علميا يصنع من أجود أنواع الرمال التي ينعدم فيها أوكسيد الحديد ، وتتكون خلطة البلار من مواد وأكاسيد تدخل في أنواع متعددة من الزجاج بلمعانه ونقاء مادته وشفافيته ، وكان عنوان الرفاهية والغنى يستعمل خاصة عند الطبقات البورجوازية وعظماء الدول والملوك حتى كان يعرف في القرن ١٩ م بأنه ـ زجاج الملوك ـ وذلك لدقة صناعته التي تبهر الأنظار. (صناعة الزجاج ، فؤاد سعود).
(٢) يصنع عادة عن طريق صهر ١٠٠ جزء من أجود أنواع الرمال ، مع ٦٦ جزءا من الرصاص الأحمر و٣٣ جزءا من كربونات البوتاسيوم ، و٥٠ جزءا من خميرة ، ويضاف إلى هذا الخليط كميات بسيطة من نترات البوتاسيوم والمانغنيز. وزجاج البلار ذو لمعة جذابة ولا لون له خصوصا بعد صقله. (نفس المرجع السابق). هناك تقارب بين وصفة الجعيدي والوصفة العلمية.