يدخل رأس المكحلة في بيت النار فيخرجها عاجلا وقد علق بها من الزاج المذاب (١) قدر ما يملأ الكف ، وهو كالعجين في الليونة ، يحاول السقوط فيشتغل المعلم (٢) يدير تلك الجعبة بعد ما يمدها ويبسطها على حرف ورقة حديد ويرفع الماء بيده الأخرى ويصبه على الجعبة قرب الزاج اللاصق بها بقصد تبريدها ، فإذا بردت شيئا يسيرا يدخلها بيت النار أيضا ، ويخرجها وقد علق بذلك الزاج الذي كان بها زاج آخر ، فيبرده على تلك الكيفية بالماء ، ودوران الجعبة ليلا يسقط منه شيء ، ثم يدخلها لبيت النار ولا زال على ذلك العمل حتى يعلق برأس الجعبة من الزاج المقدار الذي يريد صنع زاجة المرءات أو السرجم منه ، فعند ذلك ينفخ في الجعبة بفيه نفخا كثيرا حتى يرى أثرها في داخل الزاج ، فعند ذلك يضع الزاج على طرف من خشب مبسوط الوجه ، وقد حفر فيه بأسفله مقدار نصف كورة وحفر بأعلاه مثل نصف جرم أسطوانة متصلا بالحفرة الأخرى ، بعد ما تدهن هاتان الحفرتان بماء الشعير المخلوط (٣) بدقيق الفاخر الذي يوقدونه ، وبعد ذلك يشتغل بدوران الزاج في ذلك /٢٢٠/ القالب ، يدخله بيت النار نحو دقيقة مجانية ، وينفخ في تلك الجعبة حتى يشاهد أثر النفخ بداخل الزاج اللاصق برأس الجعبة ويصير حينئذ كهيئة القمقم كما بطرته (٤) ، كما اقتضى ذلك حفر القالب (٥) في تلك القطعة من العود. فعند ذلك يصير المعلم يشير بتلك الجعبة مع الزاج اللاصق برأسها يمينا ويسارا ، والزاج يستل
__________________
(١) يتكون من خلط الرمل والحجر الجيري وكربونات الصودا مع إضافة بعد الأكاسيد ، ثم صهرها جميعا في أفران خاصة ذات حرارة عالية ، فتتحول إلى عجينة قابلة للتشكيل. (نفس المرجع).
(٢) يتناول الصناع المدرب فقاعة صغيرة من المخلوط المنصهر ، ويظل ينفخ فيها ويحركها فتتحول تلك الفقاعة إلى أسطوانة عظيمة الحجم. (نفس المرجع).
(٣) عند حرق بعض النباتات يتبقى البوتاس في الرماد ، وكذلك كربونات الصوديوم وهي مواد أساسية في صناعة الزجاج. (صناعة الزجاج ، فؤاد مسعود).
(٤) رسم توضيحي من إنشاء صاحب الرحلة. (انظر ملحق الرسوم والصور صفحة ١٨).
(٥) تضغط العجينة في قالب خاص وبواسطة مكبس خاص فتصير هي والقالب شكلا واحدا ، تأخذ حجمه وشكله ونقوشه كل ذلك في لحطات معدودة. (نفس المرجع).