تصنع المكينة أجزاء أنصاف أقطار الرويضات ، بعد نشرها تركب فيها وتلمسها ، وتسقط زواياها المربعة ، ويصير كل نصف قطر منها أحد رأسيه رقيق ، وهي الرءوس التي تلتقي على قطب الرويضة ، ورؤوسها الأخر غليظة. برؤوسها أيضا مساميرة عود من ذاتها مخروطة ، تدخل في ثقب دور الرويضة وهي على نسبة واحدة في الغلظ والمرمة والثقب ، لأن فعل المكينة بها ما ذكر كالقالب لها ، فلا يمكن أن تخرج جزءا ناقصا أو زائدا على الآخر ، وعندما يريدون تأليف الرويضات يأتون بأجزائها إلى دائرة في الأرض أعظم بقليل من دائرة الرويضة ، ويجعلون أجزاء الرويضة داخل تلك الدائرة الأرضية مماسة لها ، وينصبون أنصاف أقطارها داخلها ، ويرسلون المكينة على تلك الدائرة الأرضية ، لأنها من الحديد فتصير تتضايق وتصغر ، وبهذا العمل تلتئم أجزاء الدور ، ويدخل مسامير أحد أطرافه في ثقب الأطراف الأخر ، وكذلك تدخل مسامير أنصاف الأقطار في ثقب الدور ، وتلتقي أطرافها الأخر على قطب دور الرويضة ، ويبقى في الوسط ثقب مستدير قطب الرويضة ، ثم يرفعون هذه الرويضة من ذلك /٢٦٥/ وينقلونها لمحل آخر ، ويضعونها فوق طبلة من حديد مستديرة ، ويخرجون من بيت النار بارة حديد مستديرة تامة الدائرة ، ويضعونها على الرويضة بحيث تكون البارة محيطة بها ما بين مقعرها محدب الرويضة ، فتلتهب نار بين الرويضة الباردة والرويضة حتى كأنها كانت سقيت بالغاز أو شبهه ، ويتركونها تلتهب كذلك نحو نصف دقيقة ، ثم يحركون نقشة فتنحدر الطبلة التي فوقها الرويضة ، ويعلوها الماء ، فيطفئ لهب تلك النار ، ثم يخرجونها وقد التأمت أجزاؤها بعضها على بعض (١). هكذا شهدنا هذه الأعمال هناك.
ثم مررنا بمنشار ينشر أوراق الحديد ، غلظها نحو بلكضة أو أزيد ، وملاسة تملس ورقات الحديد. ووجدنا جنب كريطة مرفوعا بالبوجي ، ميزان مدفعها كما قيل خمسة وثلاثون طنا ، والطن عشرون قنطارا ، ثم وجدنا كريطة تامة ، جنباها مثل
__________________
(١) اهتم الجعيدي كثيرا بكيفية صناعة عجلات الأكداش والكراريس باعتبارها أهم وسائل النقل والجر والسفر داخل المدن التي زارها ، على عكس ما كان سائدا آنذاك بالمغرب ، إن المسافرين يركبون ظهور الدواب بسرج أو بردعة أو يسافرون على أرجلهم. أما العجلة فكان لا تعرف إلا لجر المدافع السلطانية أثناء الحركات العسكرية. (الاستيطان والحماية بالمغرب ، مصطفى بو شعراء ، ج ١ : ١٩٤).