وصولنا إليها دخلنا إلى حزين فيه كراريط عظام ، قطر دور خزنة مدافعها سبعة أشبار وزيادة ، وفيه فلك مرفوعة فوق كراريس معدة لعبر الأودية في أيام الحرب ، وكروصة خاصة بالحداد الذي يكون معهم في الحركة ، وكراريس فيها نواعير والسلك ملتو عليها يرسلونه في طريقهم في الحركة ويتركونه وراءهم ليتكلموا به ويخبروا بما لهم ، وكروصة فيها فراش المجاريح ، فوقها غطاء من الكرية يقي المرضى من الحر والريح وشبههما ، مرفوع بجنبها سلم صغير متقارب الدرج لأجل العرض. ثم دخلنا للمكينة (١) فوجدنا قطعة من حديد مربعة الشكل ، طولها نحو ذراعين ونصف ، وعرضها كذلك. وسمكها نحو أربعة أذرع ، وفي رأسها منقار محدد ، وهي ترتفع وتنخفض ، ويوضع تحتها بارة حديد غلظها نحو أصبعين ، والطول أكثر من شبر. وعند نزول ذلك المنقار عليها يشقها بسرعة كما يشق الخبز بالحديد. ويقرب هذا المنقار طرف حديد /٢٦٤/ مستدير غير محدد بل مستوى الرأس والأصل ، غلظ دور رأسه نحو أصبعين ، يوضع تحته تلك البارة فيخرقها خرقا مستويا بسهولة كما تخرق الثياب بالابر. ثم وجدنا أناسا مقابلين لمكينة يصنع بها رويضات العود ، وهناك مناشير تشق لعود على الوجه المقصود ، وبعد شقه يركب أجزاء دور الرويضة في مكينة أخرى تملسه وتصير أجزاء الدور مستوية في الرقة والغلظ ، كأنها أفرغت في القوالب ، وكل جزء من أجزاء ذلك الدور يجعلون بأحد طرفيه ثقبة ببريمة تدخل فيه بسهولة ، ويأخذون من طرفه الآخر بالمكينة على كيفية المخرطة ، ويتركون في وسطه قطعة مخروطة يمكن دخولها في مثل ثقب البريمة في الطرف الآخر ، وعند تألفها أي أجزاء دور الرويضة يدخل المسمار من العود المخروط من كل جزء في ثقب جزء آخر. ثم
__________________
(١) عكس عظمة هذه القاعدة العسكرية محمد الطاهر الفاسي في رحلته الإبريزية : ٢٣ «... ذهبنا لفبركة المدفع والكور والبنب والخفيف والحبة ... وكراريط المدفع من الحديد والعود ... ثم إن عدد الرجال العملة القائمين بهذه الصناعات ستة آلاف ... وعدد ما يصنع في كل شهر من المدفع أربعمائة ومن الكور الكبير والمتوسط والصغير في كل جمعة عشرون ألفا ... والحاصل أنهم أتعبوا أنفسهم أولا في إدراك المسائل النظريات ، وكابدوا على تحصيلها حتى صارت عندهم ضروريات ، ولا زالوا يستنبطون بعقولهم أشياء كثيرة ...».