القونصو (١) وهو رجل ذو عقل وأدب يحسن النطق باللغة والقلم العربي ، وكذا غيرها من اللغات وله خلق حسن وله مكانة معتبرة عند الدولة ، ووجدناه قد هيأ عربة أنيقة كبيرة ، فيها عشر شوالي /٢٨٦/ كبيرة مبطنة بثوب حرير أحمر فيه تشجير ، وبين كل شيليتين مائدة مستديرة قائمة على كرسي من عود ، عليها أشكال من الحلواء والعنب والبطيخ وغيرهما من فواكه الوقت ، وكذلك من الحليب والقهوة وأواني الماء من البلار الرفيع المدفون في وسطه الثلج ، وفي العربة سراجم ثمانية بالزاج من الجهتين كبيرة ، على كل سرجم ستر من ذلك الحرير المذكور طويل مع مجاديل غلاظ منه ، في كل واحد كبالة (٢) كبيرة من الحرير لربط ذلك الستر به ، وستر آخر من حرير أزرق يرسل تارة على الزاج وقاية من شعاع الشمس ، وسقفها وبقية ما بين السراجم منها كله مبطن بذلك الحرير ، وبداخل هذه العربة بيت الخلاء ، والماء يجري بحلابة عند إدارة تنظيفه وبها حلاب آخر في الجهة اليسرى عند الدخول لبيت الخلاء ينزل الماء إليه من بزبور فوقه عند الاحتياج إليه. ولم يقصر هذا القونصو في البرور والتعظيم والترحيب.
ثم سافر البابور بنا بعدما رجع ترجمان الفرنصيص الذي كان (٣) طلع من طنجة ، وبقي معنا ترجمان الدولة الوارد من باريس ، وتوجهنا إلى مدينة طورين (٤) ، وهي
__________________
(١) قنصل إيطاليا بمدينة حلب بالشام ، القائد بوزيوBosio ، استدعى رسميا ليكون المرافق والترجمان الخاص للسفارة المغربية ، خاصة وأن سفير إيطاليا بلندن نبه حكومته لذلك.» ... إن أنجلترا وضعت تحت أمر السفير المغربي دبلوماسي رسمي يقضي وقته كله في الترجمة وحكومتنا لا بد أن تكلف شخصا ليقوم بنفس المهمة ...». D.M.Smith) p: ٢٦٥.)) S.D.P.E.I)
(٢) المكب الكبير ، ما يلف عليه الغزل أو الخيوط المختلفة ، ج. مكبات ومكاب. (المنجد).
(٣) Jules Mong سنجده في ما بعد مرافقا لأعضاء السفارة المغربية بإيطاليا ومتتبعا لخطواتها (جاسوس فرنسي).
(٤) Torino أو (Turin) رابعة مدن إيطاليا ، عند نهر البو ، وعلى منحدرات جبال الألب ، كانت عاصمة لمملكة سردينيا (١٨١٤ـ ١٨٦٠) ، وعاصمة إيطاليا حتى عام ١٨٦٥ م. (دائرة المعارف الحديثة ، ج ٢ : ٥٤٨).