وكان بقربنا بيوت الماء عديدة في كل بيت صندوق من حديد أو غيره ، ينزل إليه من بزبوزين الماء الحار والبارد ، ولم نر مثله في موضع إلا في أوطيل باريس ، لكن الذي في باريس تسد تلك البيوت في الليل كله ، وعليها حراس موكلون بها بخلاف البيوت التي في أوطيل طورين ، فإنها مباحة لا تسد لا ليلا ولا نهارا. ولم يكن أحد موكلا بها ، وهذا الأوطيل يشرق منه على فضاء متسع كالمشور ، قدامه دار أمير الدولة ، وكان قبل وصولنا خارجا عن هذه المدينة في نواحيها ، يقصد الأماكن الباردة لشدة حرارة الوقت ، وحيث كنا باللوندريز أتى إلى الباشدور يوم دخولنا إليها قونصو الطاليان بها ، وأخبره أن كبير دولتهم بصدد الخروج /٢٨٨/ إلى نواحي بلده ، وأنه لا يرجع إليها حتى تمر نحو خمسة وعشرين يوما من شهر غشت العجمي ، وكان مقصوده (١) بذلك أن يبين له في أي يوم يكون خروجه من اللوندريز ، وكان أجابه إذ إذاك بأن الزائر في قبضة المزور ، وأنه لم يدر في أي يوم يكون خروجه منها ، ولم يكتف بهذا فقال له : إن خرج أمير دولتكم للصيد في تلك الجبال فإني أتوجه إليه بها بحول الله ، لأني مولع بالصيد (٢) ، ولي به شغف كبير فسر بذلك سرورا عظيما ، وقال في هذه الساعة يتكلم مع دولتهم في طريق السلك بما أجابه به الباشدور ، وقد بالغت هذه الدولة في الإكرام وبسط موائد الأنعام بسطا كبيرا ، لم نعهد مثله فيما تقدم ، ويتوالى ذلك منهم بتوالي الأوقات ، ومع هذا كله يتفقد
__________________
(١) بعد هذا الاتصال أخبر السفير المغربي سفير إيطاليا بلندن وزيره Melegari بما يلي :» ... وأنا مستعد للذهاب والبحث عليه لأحدد معه تاريخ وصوله إلى إيطاليا وتاريخ زيارته للملك ، والسفير المغربي يرغب في أن تصل الهدايا إلى إيطاليا قبل وصوله ...» ، لندن ١٨ / ٧ / ١٨٧٦ م : ٢٦٥. ثم أخبرت وزارة الخارجية الإيطالية سفيرها بباريس ...» في الأيام الأخيرة لهذا الأسبوع سيصل إلى باريس السفير المغربي قادما من أنجلترا ، وقد أخبرناه أن الملك سيستقبله بطورين ما بين ٢٩ و٣٠ غشت ، وأخبره أن الهدايا وصلت إلى ميناء جنوا ...». روما ٢ غشت ١٨٧٦ م : ٢٩٤.
S. P. E. I) D. M. Smith (.
(٢) أخبر سفير إيطاليا بلندن حكومة بلاده بذلك ، فنظمت حفلة خاصة للصيد البري على شرف السفير الزبيدي بضواحي طورين كما سيرد لاحقا.