وأراد أهل البلد قتله فقال إنه ولد رومة ، وكانت عادتهم أنهم لا يقتلون من ينتسب إلى رومة ، وسألته هل في هذا البلد قبر أنبياء ، قال : لا يعرفون بها قبر نبي. لكن بعض الناس يقولون إن في هذه المدينة قبر راهب كان من أصحاب سيدنا عيسى على نبينا ، وعليه الصلاة والسلام ، وبعض الناس ينكرون ذلك.
وفي يوم الأحد المذكور توجه الباشدور إلى كبير الوزراء (١) قاطبة ، ونحن معه بحيث وصلنا إلى داره ودخلنا لبراحها ، وجدنا فيه أزبالا ونباتا في بعض المواضع ، ولم نعهد ذلك في مطلق أماكنهم ، وصعدنا إليه في درج لم نجد فيها زرابي على العادة ، وفيها أزبال أيضا بحيث انتهينا إلى القبة وجدناه واقفا فيها ومعه أناس وهو رجل مسن ، وفي تلك القبة شوالي بالية وفيها زربية صغيرة بالية ، وحاله حال أهل التقشف ، فسلم على الباشدور ورحب به غاية ، وجرى بينهما كلام بالسؤال عن الأحوال وخبر البلد ، وخرجنا إلى قبة أخرى وجدنا فيها كنابيس كثيرة وموائد الكتابة وآلاتها.
ثم خرجنا من عنده فأخبر الترجمان أن هذا الوزير عندهم من الزهاد ، وأنه لم يتزوج قط وأن له راتبا وافرا لكن يأخذ منه قدر الكفاية ، والباقي يتصدق به على فرقة من الضعفاء ، وأنهم يتشاورون /٢٩٨/ معه في الشادة والفادة ، وأنه ملحوظ معتبر عندهم في المهمات وجميع الملمات ، وعند رجوعنا رجع هذا الوزير فورا إلى الباشدور ، وتلاقى به في القبة المخصوصة بالملاقاة مع أعيانهم.
__________________
(١) اجو سطينو دي بريتيس (١٨١٣ ـ ١٨٨٧ م) De Prétis Agostion تقلب في عدة مناصب وزارية ، حتى كلف بتكوين أول حكومة يسارية بتاريخ ٢٨ مارس ١٨٧٦ م ، عمل على تنمية الخدمات العامة اقتصاديا ، نظرا لحساسته الشديدة بالمسائل الاجتماعية ، ذي نزعة ديمقراطية ، عمل على إدخال إيطاليا الفتية في التحالفات التي أخذت تعقد في أوربا ، بهدف سلامة حدود بلاده ، تنازل عن منصبه في مارس ١٨٧٨ م لكنه استرجع قيادة الحكومة في ماي ١٨٨١ م.
L\'EncicloPedia Grolier, Int, vol: 6: 223.