أميرهم بالإكرام والتوسعة وبسط موائد الأنعام ، وأن في ذلك إشارة إلى تعظيم الجانب الشريف وكمال الاعتناء بشأنه الفخيم ، وأنه سيبذل غاية الجهود في كل مراد ومقصود ، وبعد رجوعنا ورد على الباشدور عامل البلد ومعه أعيانها يهنئون سيادته ويحمدون سلامته وعافيته.
وفي ليلة الأحد التاسع والعشرين منه (١) توجه الباشدور ونحن معه إلى دار الفرجة وكان معه عامل البلد ، ثم أتى وجلس معنا هنيئة وكان معنا الترجمان الذي طلع من طنجة (٢) ، فسألته عن باني (٣) رومة ، فقال : هو /٢٩٧/ رجل كان يسمى روم ، فقلت هل هو ملك أو حكيم. قال : لم يكن ملكا ولكن كان كبير آية الأربعين ، وسألته عن تاريخ بنائها ، فقال : وجدوا تاريخها عند روم المذكور ، يقول أن بعد بنائها بأربع عشرة مائة سنة ، ببعث نبي العرب سيدنا محمد ، هكذا نطق به بلفظ السيادة بواسطة الترجمان ، على نبينا أفضل الصلاة والسلام ، فقلت : وهل دخلها نبي الله سيدنا عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، أو أحد من أصحابه الحواريين ، فقال : أما هو فلم يدخلها ، ويقال إن رجلا (٤) من الحواريين دخلها وان مسجونا بها ،
__________________
(١) ٢٠ غشت سنة ١٨٧٦ م.
(٢) التحاق اليهودي جيل مونج بأعضاء السفارة المغربية مرة أخرى بحيث كان يتتبع خطواتها لفائدة فرنسا.
(٣) يرجع المؤرخ الروماني» تيتوليفيوTito Livio» ، أصل روما وأسرة منشئيها إلى أساطير خرافية ، لكن النقاد المؤرخون المحدثون قد استنبطوا من هذه المستندات الخرافية أن تأسيسها كان عام ٧٥٣ ق. م ، وربما اشتق اسمها من» روميلوس» أول الملوك على ما تزعم الروايات التقليدية.
(٤) يقصد القديس بطرس (١٠ ق. م ، ٦٧ م) الذي دعاه السيد المسيح إلى التبشير وجعله رئيس الرسل والكنيسة في مهدها ، أقام مدة في أنطاكيا ثم نزح إلى روما (المنجد) ، ويبدو أن بطرس استشهد بالصلب في رومة حوالي نفس الوقت الذي استشهد فيه القديس بولس بالسيف ، وفق القانون الذي أصدره نيرون ، وكنيسته بروما شيدها قسطنطين عام ٣٢٦ م على جبل الفاتيكان ، وأعيد بناؤها في القرن ١٥ م. الدكتور فليب حتى ، ظهور المسيحية في العصر اليوناني الروماني ، دار الثقافة ، بيروت ، ١٩٥٨ : ٣٦٧.