أدخلتنا إلى قبة أخرى فيها كنانيش الصائر على هذه الدار بخط يدها كما ذكرت ، وفيه الصائر اليومي ملخصا كل يوم على انفراده ، لصائر أضلاع من اللحم بأنواعه والإدام والدقيق وغير ذلك ، وكناش آخر فيه تقييد تلك الكساوي وعدد كل نوع من أنواعها ، وحصر داخلها وخارجها ، ثم مرت بنا بوسط هذه الدار فوجدناه مربعا انباح كبيرة في كل ربع ثمانية /٢٩٩/ قسي على أسوار عظام ، وبوسطه رياض ذو أشجار كبار وصغار ونبات ذو أنوار ، ثم دخلت بنا إلى محل أكلهم في قبة أخرى ، فوجدنا موائد ممتدة مع الجدران بينها وبين الجدران مواضع الشيليات التي يجلس عليها للأكل ، وعلى الموائد قدام كل شيلية طبسيل وزيف وكأس للماء ، والمواضع الموصلة إلى هذا المحل نصب خشب مع جدرانها على مسامير خارجة من الجدران ، فإذا وضعت أواني الطعام للبصرى على تلك المواضع ويوذن لهم في الطلوع إلى ذلك المحل ، يضعون أيديهم على تلك الخشبة ويمرون معها حتى ينتهوا إلى ذلك المحل الذي فيه غذاؤهم ، ثم يأخذون في الدخول واحدا بعد واحد قابضين على تلك الخشبة ويعدون المسامير التي تلقاهم ، وبها يعرف كل واحد شيليته ، بحيث يكون المسمار نمر كذا هو محل جلوس فلان ، وقدامه مائدته ثم يخرجون إلى مواضع غسل أيديهم وقد جعلوا حلاليب مدفوفة في مصطبة. فوق كل واحدة بزبوز ينزل منه الماء وبقربه زيف ، ثم يرجعون إلى محلهم ثم إلى مواضع نومهم ، كل واحد له بيت صغير خاص به فيه مضربتا صوف فوق أعواد من حديد كالناموسية الصغيرة وغطاء من ثوب قطن نظيف ، ووسادتان لينتان ، ومحل آخر فيه فراشات متعددة واحد حذاء الآخر ، فقال الترجمان لهذه الراهبة : أين محلك ، فهل هو منتخب ، قالت له لا ، فراشها كفراشهم بلا فرق ، نعم أدخلتنا إلى بيت فيه سراجم وموائد عليها غطاء نظيف ، وفيه زربية وشوالي ذكرت أن ذلك المحل معد لقدوم زوجة ولد أخ السلطان المذكورة ، وأنها تأتي مرة واحدة في كل جمعة إلى هذه الدار ، وتتفقد بنفسها أحوال المرضى ، وتأتي إلى ذلك المحل المذكور وتحضر لها الكنانيش وتحاسبها على الداخل والخارج ، ثم أتت بنا إلى محل آخر يطبخ فيه لهم أكلهم فوجدنا ثلاثة طناجير منصوبة ، لكن ليس فيها إلا الماء إذ لم يكن ذلك الوقت وقت الطبخ ، وبمحل آخر حطب كثير ، وهناك ميزان قيل لأي شيء هذا الميزان ، قالت : نقسم به الطعام عند تفريقيه /٣٠٠/ في الأواني ،