صاروا يطلقون الحراقيات (١) على ألوان وأشكال ، وبنفس خروج الحراقيات جعلت تلك القناديل في مواضعها المذكورة ، فكان بعضها له لهب أحمر كالدم يخرج معه دخان كثير فحيث انشر وبلغ إلى جدارات ذلك البرج صارت تلك القطعة من ذلك الجدار حمراء على لون ذلك الضوء ولهيبه ، وكذلك طرف من الأرض التي قدامه ، حتى أن من يمر بها يعلوه ذلك اللون ، فيتخيل كأن نارا توقد في ذلك الموضع ، والذي يمر به كأنه يحترق هناك ، وبعض تلك القناديل لهبها أخضر إلى البياض يخرج منها دخان أخضر ، ينتشر كذلك في الجدارات والمواضع القريبة منها فيرى كأن نارا خضراء توقد في تلك الجدارات ، من يمر بتلك المواضع يتلونون بذلك اللون ، ويظهرون من البعد كأنهم بقرب من البعيد عنهم ، وكأن نارا خضراء تشتعل في ذلك الموضع جميعه فوقفنا هناك نحو ربع ساعة وأصحاب الموسيقا يخدمون ، ولا يكاد يحصى من كان هناك من الخلائق في هذه الفرجة ، وحيث أخذنا في الرجوع واستدبرنا ذلك البرج ، واستقبلنا بناء آخر هناك قديما (٢) مرتفعا ، أطلقت حراقيات أخر فأوقدوا في تلك الجدارات نارا ذات لهب أحمر وأخضر مثل النارين الموصوفتين فوقفنا هنا حتى قرب إنطفاؤها ثم أخذنا في المسير وكلما مررنا بمحل قامت الموسيقا /٣٠٤/ على ساق ، واشتغلت بالخدمة على ذلك النسق ، فبينما نحن مارون بتأن ومهلة إذ رأينا شعاعا عظيما خارجا من كوة عالية في جدار مرتفع ، جرم تلك الكوة مستدير فيما يظهر كجرم الشمس والشعاع كشعاعها ، إلا أنه أبيض يميل إلى الخضرة ، ويمكن للإنسان إمعان النظر فيه ، وبانتشار ذلك الشعاع انتشر (٣) الضوء على جميع تلك
__________________
(١) عبارة عن صواريخ نارية تستعمل في الألعاب النارية والإضاءة ، تحتوي على مواد متفجرة لها مهمة الوقود ، وعندما ينتهي هذا الوقود من الاحتراق ، يشتعل مزيج متفجر ويتلون بفضل أملاح معدنية ملونة. (موسوعة عربية : ج ٦).
(٢) قوس قسطنطين Arco Di Costantino.
(٣) الطاقة الكيميائية الناتجة عن الاحتراف كالشهب النارية تشع طاقة حرارية ضوئية ، وتدعى التفاعلات المؤكسدة ، لأنها تتفاعل بقوة مع أوكسجين الهواء أي تحترق عند رفع حرارة الشهب الناري تلقائيا دون توقف حتى تتم عملية التأكسد المشع. (موسوعة عربية عالمية : ج ٦).