قرب من الوسط لأن المحل الذي في وسط الخصة كهيئة كسكاس من النحاس ، ثقب وسطه مستقيمة وغيرها اختلف انحرافها ، فإذا خرج الماء من تلك الثقب كل واحد متوجه إلى سمت من السموت وانحدر إلى الخصة يكون رائي هيئة ذلك الماء كهيئة ثرية من بلار عظيمة ، وتارة يجعلون حوضا متسعا وصور سباع باركة بحافاته والماء ينبع من أفواهها إلى ذلك الحوض ، وتارة يجعلون للماء مخارج يفجرونها من بين (١) معادن الحجر كالماء الذي يشاهد تفجيره من بعض أسفل الجبال ، ويجعلون أسفله حوضا متسعا ، ينزل إليه ويديرون به صورا من رخام أو حجر على هيئة الحيوان الآدمي وغيره ، ويشق هذه المدينة وادي عظيم (٢) جل بعض طرقها ، وينصبون عليه قناطير محكمة البناء والإتقان ، ولون هذا الماء متغير كلون ماء بوفكران (٣) بل أشد تغييرا في رأس العين حين مروره في الوادي ، وأما الماء الذي يوتى به إلينا فنجده صافيا لا أثر تغيير به ، وبعض الناس ينصبون شبكة الاصطياد في هذا الوادي على شكل الميزان ، بحيث يتخدون عمودا طويلا جدا ، ويعلقونه من وسطه كعمود الميزان ، ويجعلون كفتيه من خيط الشبكة ، ويكون فيها استرحاء ، وشاهدنا هذا الميزان من بعد ، ورأينا إحدى الكفتين تنزل وتنحذر إلى الماء قيل حتى تصل إلى قعر الوادي وترتفع فإذا صادفت شيئا من الحوت مارا يعلق بها ، ثم تصعد وبصعودها تنزل الكفة الأخرى وهكذا ، وفي هذه البلدة نعم كثيرة. فالإجاص فيها قريب من البادنجنة الصغيرة والعنب المسكي كعنب الغرب ، وكذلك الدلاح كله أحمر يباع عندهم مقسوما ، كل واحدة تقسم نصفين ليشتري كل واحد ما تميل إليه نفسه ، وكذلك من التين والبطيخ والخضر ماطيشة (٤) وغيرها ، وجل الحوانيت تباع فيها هذه /٣١١/ الخضر والفواكه ، وبعضها فيها حوائج لباسهم وأثاثهم ، وأما التجارة فأمرها ضعيف هناك والله أعلم.
__________________
(١) يصف بعض الخصص أو الفسقيات المائية برومة وأشهرهاFontana Di Trevi.
(٢) التيبرTibre أو (Tevere) يصب في البحر التيراني.
(٣) نهر ينبع من عيون موجودة بأيت بورزوين دائرة الحاجب قبيلة بني امطير تسمى عين معروف ، وهو يروي مدينة مكناس ، تكلم عنه الوزان «وصف إفريقيا» ، ج ١ : ١٦٩ ؛ وابن غازي المكناسي العثماني في «الروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون».
(٤) الطماطم.