الخارجة من المشور أشجار ممتدة معها ، نصبوا بين أغصانها وأوراقها كواغد على شكل المخروط كالمكب ، وهي على ألوان أضا وحيث قرب الغروب أوقدوا تلك المصابيح والفنارات الممتدة مع جدران المشور ، وجعلوا سرجا بداخل ذلك الورد المصنوع الذي على رؤوس الأعمدة المحيطة بتلك المائدة ، وفي الأشجار المذكورة في وسط الكواغد الملونة ، ثم أتى أصحاب الموسيقا وأحدقوا بتلك المائدة ودخل واحد منهم وسطها على عادتهم ، وصاروا يخدمون وامتلأ ذلك المشور ليلا بالخلائق رجالا ونساء وصبيانا ، وأتت في ذلك الوقت جماعة من أعيان أهل البلد ، وتلاقت بالباشدور وأخبروه أن فرحهم بقدومه واعتناءهم بجانب مولانا الشريف هو الذي حملهم على إنشاء هذه الفرحة ، فشكرهم (١) على ذلك ثم قال الترجمان للباشدور ، ينبغي لك أن تخرج إلى ذلك السرجم وتقابل الناس الذين اجتمعوا هناك وتشير لهم بالترحيب ، فخرج وخرجنا معه ، فحين أشرفنا عليهم أخذوا في التصفيق جميعا وتلك عادتهم إذا كانوا مجتمعين في موضع ورأوا ما يسرهم ، ثم جلسنا هنيئة على الشوالي بين الدربوز وجدار الصالة التي كان فيها الباشدور ، وكلما قام الباشدور ورام الدخول يأخذون في التصفيق ، يريدون بذلك الرجوع إلى الجلوس ، فيجلس حتى تكرر ذلك منهم مرارا فقام وأشار لهم بالسلام ودخل لمحله فتفرقت الناس وراح كل لمحله.
وفي يوم الأحد الخامس (٢) منه ، أتى الترجمان بالأكداش وخرجنا معه إلى عرصة لعظيم الدولة قريبة من داره ، ولعلها متصلة بها من بعض الجهات فوجدنا /٣١٧/ أنواعا من السباع في أقفاص من الحديد ، لا حاجة إلى إعادة ذكرها وبيانها لتقدم ذلك وبيانه غير ما مرة.
__________________
(١) «تعجب الضيوف المغاربة من مشاهدة العلم الأحمر الذي قام بتعليقه صاحب الفندق وسط ساحته.
كل البلدان التي تعتقد ديانة محمد يعتمدون العلم الأحمر وبداخله نجمة أو أكثر من نجمة أو نصف هلال أو ثلاثة أنصاف الهلال وذلك حسب الدولة التي ينتمي إليها العلم كتركيا ومصر وتونس والمغرب ...».
(La Lombardia, Torino) ، بتاريخ ١ / ٩ / ١٨٧٦ م. جريدة.
(٢) الأحد ٦ شعبان يوافق ٢٧ ، غشت سنة ١٨٧٦ م.