حسابية يستعين بها على خطته ، فكان ينتفع بها /٣٢٧/ لكنهم سامحنا الله وإياهم ، يبخلون عن متعلميهم بكشف دسائس الرماية ، وإظهار علل أعمالهم ، «ولو صدقوا الله لكان خيرا لهم» (١). وقد خرجنا عن الموضوع ولكن للحديث شجون ، وليس ذلك بممنوع ، رجع اللوحة التي سقطت عند نفود الكنبرة في سواد وسطها ، كانت منصوبة وسطا وعن يمينها لوحة وعن يسارها أخرى ، كل منهما مثل الوسطى طولا وعرضا ، وهما غير متصلتين بالوسطى بل بينها وبين كل واحدة من اللوحتين نحو نصف أصبع ، والوسطى ليس لها خشبتان من ورائها بخلاف الأخريين ، فلذلك حين أصابتها الكونبرة رحلت بها بتمامها ، وبقيت اللوحتان الأخريان في مكانهما ، ثم انتقلنا إلى ألواح آخر منصوبة إشارة أيضا قريبة من الألواح الأخر لكن جعلوها على كيفية صفوف العسكر ، بحيث نصبوا ألواحا متصلة بعضها ببعض في صف واحد وراء ألواح أخر مثلها في صف آخر ، ثم ألواح أخر جعلوها كالصف الثالث وطول الصف نحو ثلاثين خطوة ، وصاروا يضربون هذه الصفوف بالكونبرات بمدافع الجر. فضربوها أولا بأربع كونبرات واحدة إثر أخرى بينهما مقدار قراءة سورة الإخلاص (٢) مرة واحدة ، ثم ضربوها أيضا بأربع أخرى ثم كذلك مرة ثالثة ورابعة وخامسة ، وفي كل مرة يكون تتاربع الكونبرات أقل مدة من تتابعها في المرة قبلها ، وغالب هذه الكونبرات كان يتفرقع بين صفوف تلك الألواح والناذر منها كان يتفرقع بقربها أو بعد مجاوزتها بقريب ، وفي المرة الأخيرة أخرجوا المدافع كلها في لحظة واحدة فتفرقعت كونبراتها بين الصفوف كخروج الحاضرون ، ثم تقدما إلى تلك الألواح التي كانوا يضربونها ، فوجدناها كالغرابيل من /٣٢٨/ شدة نفود خفيف الكونبرات فيها ، وبعضه لم ينفد وبقي مدفونا في وسطها ، وهذه الألواح مدعمة بالخشب من وراء فبذلك لم تسقط ، فتعجبنا من ذلك غاية العجب ، وذكر الترجمان إذ ذاك أن بعض العسكر الذين كانوا معنا يقولون عند رؤيتهم نفود الخفيف في تلك الألواح ، هكذا تكون ذوات بعضهم عند الحرب ، والعجب الكبير إنما هو من إصابة الكونبرة الكبرى بالمدفع
__________________
(١) ﴿ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ ﴾ سورة محمد : ٢١.
(٢) وحدة زمان بسيكولوجية ودينية. وهي مدة استغراق تلاوة سورة الإخلاص ، فترتيلها ترتيلا وسطا بالبسملة والاشباع يستغرق نحوا من ١٢ ثانية أو أقل من ذلك بحسب حالة القارئ النفسية.