وذلك منهم وداع خاص يفعلونه للخاصة والأعيان من الدول. /٣٥١/ ثم التفت إليهم الباشدور أشار إليهم بيده للوداع على حسب عرفهم ، وحيث قرب الباشدور إلى البر أخرجت المدافع القانونية من أبراج طنجة ، وعند النزول بساحلها قرب المرسى وجدنا هناك نائب مولانا المذكور وخديمه القائد الجلالي بن حم ، والأمناء وأعيان البلد متهيئين للقاء الباشدور ، فتلاقوا به هناك ونحن كذلك وطلعنا إلى محل النزول بدويرة رياض القصبة التي هناك ، فنزلنا بها وحمدنا الله سبحانه حق حمده على ما أسدى إلينا من العافية والسلامة اللتين هما للعاقل غاية مطلبه وقصده ، وسألناه من جوده وكرمه أن يختم لنا هذه السياحة المباركة بالطلوع إلى حضرة مولانا الشريفة ، والتمتع بالنظر إلى طلعته (١) السعيدة المنيفة ، بقصد أن نلتمس (٢) من سيادته أعزه الله صالح الدعاء ، وجلب رضاه وزيارة الأولياء الأموات منهم والأحياء ، عسى ربنا سبحانه يكفر عنا بذلك ما اقترفناه من السيئات ، ويستمر عنا بكرمه ما اجترمناه من الزلات وقبيح العترات ، فإنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
تمت الرحلة
__________________
(١) بالفعل سافر السفير الزبيدي من طنجة لفاس حيث كان مثوى السلطان إذ ذاك فأكرم وفادته ... ولما قص عليه قصص سفارته وقرر له كل شاذة وفاذة شكر مسعاه ودعا له بالخير وأمره بالرجوع لطنجة لتتميم المسائل المحالة على القناصل والباشدورات القاطنين هنالك في حل مبرمها ، ولم يزل بطنجة إلى أن أكمل المراد وفق ما يراد حسبما ينبني عن ذلك جواب الحاجب.
الإتحاف ، ابن زيدان ، ج ٢ : ٣١١.
(٢) عند قدوم الجعيدي على السلطان مدحه بقصيدة جيدة فيها إحدى وستون بيتا كما صرح به ناظنها في كتاب كتبه لأبي العباس الناصري ، الذي ذكر له منها الأبيات الثلاثة الأولى وستة أبيات من الآخر ، (انظر الاستقصا ، ج ٧ : ١٥١) وقد نقلها عن الناصري المؤرخ العباس بن إبراهيم المراكشي (الإعلام ، ج ٣ : ٣٩) حرفيا بدون زيادة أو نقصان ، لكنني وجدت بعض أبيات هذه القصيدة في كناشة الأديب أحمد الصبيحي (الفالودج رقم ١ ب خ. ع. ص. بسلا تحت رقم ٤٢٦) تزيد ب ١٣ بيتا عما ذكره الناصري. (انظر نص القصيدة بالملحق ٢).