مطرهم (قُلِ) يا محمد (الْحَمْدُ لِلَّهِ) على هلاك كفار الأمم الخالية (وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) هم (آللهُ) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفا وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه (خَيْرٌ) لمن يعبده (أَمَّا يُشْرِكُونَ) (٥٩) بالتاء والياء أي أهل مكة به أي الآلهة خير لعابديها (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا) فيه التفات من الغيبة إلى التكلم (بِهِ حَدائِقَ) جمع حديقة ، وهو البستان المحوط (ذاتَ بَهْجَةٍ) حسن (ما كانَ
____________________________________
لِلَّهِ) لما تمم سبحانه وتعالى القصص ، أمر رسوله بحمده والسّلام على المصطفين ، شكرا له على نصرة أهل الحق والإيمان ، وقطع دابر أهل الكفر والطغيان ، وتمهيدا لما يذكر من أدلة التوحيد التي أقامها ردا على المشركين ، والسر في ذلك ، إنصات العاقل وإصغاؤه ليدخل في زمرة من سلم الله عليهم.
قوله : (وَسَلامٌ) أي أمان. قوله : (الَّذِينَ اصْطَفى) قيل هم الأنبياء والرسل ، وقيل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقيل مؤمنو هذه الأمة ، وقيل كان مؤمن من مبدإ الدنيا إلى منتهاها ، ومعنى اصطفى اختارهم أزلا لخدمته وطاعته في الدنيا ، ولجنته ونعيمه في الآخرة ، فالأصل اصطفاه الله للعبد ، فلولا اصطفاؤه له ، ما وفق العبد لخدمة ربه ، ومن هذا قولهم : لو لا السابقة ما كانت اللاحقة. قوله : (بتحقيق الهمزتين) الخ ، ظاهر المفسر أن القراءات أربع وهو سبق قلم ، والصواب أن هنا قراءتين فقط ، تسهيل الثانية مقصورة ، وإبدالها ألفا ممدودة مدا لازما ، وتقدم أن هذين الوجهين يجريان في خمسة مواضع في القرآن غير هذا ، اثنان في الأنعام (آلذَّكَرَيْنِ) في الموضعين ، وثلاثة في يونس (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ آلْآنَ) في الموضعين.
قوله : (خَيْرٌ) خبر لفظ الجلالة ، وهو إما اسم تفضيل باعتبار زعم الكفار ، أو صفة لا تفضيل فيها ، والكلام على حذف مضاف ، والتقدير أتوحيد الله خير لمن عبده ، أم الأصنام خير لمن عبدها ، فهو تهكم بالمشركين ، لأنهم اختاروا عبادة الأصنام على عبادة الله ، والاختيار للشيء لا يكون إلا لخير ومنفعة ، ولا خير في عبادتها. وكان صلىاللهعليهوسلم إذا قرأها يقول : «بل الله خير وأبقى وأجل وأكرم». قوله : (أَمَّا يُشْرِكُونَ) أم هذه متصلة عاطفة على لفظ الجلالة لوجود المعادل ، وهو تقدم همزة الاستفهام بخلاف أم الآتية ، فهي منقطعة تفسر ببل وهمزة الاستفهام إنكاري. قوله : (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (أي أهل مكة) تفسير للواو في يشركون. قوله : (أي الآلهة) تفسير لما ، والمعنى أم الآلهة التي يشركونها به خير لعابديها.
قوله : (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) القراءة السبعية بإدغام إحدى الميمين في الأخرى ، وأم منقطعة ، ومن خلق مبتدأ خبره محذوف تقديره (خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) وقرىء شذوذا بتخفيف ، فتكون من موصولة دخلت عليها همزة الاستفهام. قوله : (فيه الالتفات) أي وحكمته اختصاصه سبحانه وتعالى هو المنبت للأشجار والزرع لا غيره ، وخلقها مختلفة الألوان والطعوم ، مع كونها تسقى بماء واحد. قوله : (وهو البستان المحوط) أي المجعول عليه حائط لعزته. قوله : (ذاتَ بَهْجَةٍ) صفة لحدائق ، وأفرد لكونه جمع كثرة لما لا يعقل.