أَوْلى بِبَعْضٍ) في الإرث (فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) أي من الإرث بالإيمان والهجرة الذي كان أول الإسلام فنسخ (إِلَّا) لكن (أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً) بوصية فجائز (كانَ ذلِكَ) أي نسخ الإرث بالإيمان والهجرة ، بإرث ذوي الأرحام (فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) (٦) وأريد بالكتاب في الموضعين اللوح المحفوظ (وَ) اذكر (إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ) حين أخرجوا من صلب آدم كالذر جمع ذرة وهي أصغر النمل (وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) بأن يعبدوا الله ويدعوا إلى عبادته ، وذكر الخمسة من عطف الخاص على العام (وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (٧) شديدا بالوفاء بما حملوه وهو اليمين بالله تعالى ، ثم أخذ الميثاق (لِيَسْئَلَ) الله (الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) في تبليغ الرسالة تبكيتا للكافرين بهم (وَأَعَدَّ) تعالى (لِلْكافِرِينَ)
____________________________________
غير ذلك من النظر والخلوة ، فإنهن في ذلك كالأجانب. قوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) مبتدأ ، و (بَعْضُهُمْ) بدل أو مبتدأ ثان ، و (أَوْلى) خبر. قوله : (في الإرث) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف ، والتقدير الأقارب ، أولى بإرث بعضهم ، من أن يرثهم المؤمنون والمهاجرون الأجانب. قوله : (أي من الإرث بالإيمان والهجرة) أشار بذلك إلى أن قوله : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) متعلق بأولى. يعني أن الأقارب أولى بإرث بعضهم ، من الإرث بسبب الإيمان والهجرة الذي كان في صدر الإسلام ، وذلك أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يؤاخي بين الرجلين ، فإذا مات أحدهما ورثه الآخر دون عصبته ، حتى نزلت (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ).
قوله : (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا) استثناء منقطع ، ولذا فسره بلكن. قوله : (إِلى أَوْلِيائِكُمْ) أي من توالونه من الأجانب. قوله : (بوصية) أي فلما نسخ الإرث بالإيمان والهجرة ، توصل إلى نفع الأجانب بالوصية ، وهي خارجة من ثلث المال. قوله : (مَسْطُوراً) أي مكتوبا. قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا) ظرف لمحذوف قدره بقوله : (اذكر). قوله : (وهي أصغر النمل) أي فكل أربعين منها أصغر من جناح بعوضة. قوله : (بأن يعبدوا الله) أي يوحدوه ، وهو تفسير للميثاق. قوله : (ويدعوا إلى عبادته) أي يبلغوا شرائعه للخلق ، فعهد الأنبياء ليس كعهد مطلق الخلق. قوله : (من عطف الخاص على العام) أي والنكتة كونهم أولي العزم ومشاهير الرسل ، وقدمه صلىاللهعليهوسلم لمزيد شرفه وتعظيمه قوله : (بما حملوه) أي وهو عبادة الله والدعاء إليها. قوله : (وهو اليمين) أي الحلف بالله على أن يعبدوا الله ويدعوا إلى عبادته ، فالميثاق الثاني غير الأول ، لأن الأول إيصاء على التوحيد ، والدعوى إليه من غير يمين ، والثاني مغلظ باليمين ، والشيء مع غيره غيره في نفسه.
قوله : (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ) متعلق بأخذنا ، وفي الكلام التفات من التكلم للغيبة ، كما أشار له المفسر بقوله : (ثم أخذ الميثاق) والمراد بالصادقين الرسل. قوله : (تبكيتا للكافرين) أي تقبيحا عليهم ، أي فالحكمة في سؤال الرسل عن صدقهم ، وهو تبليغهم ما أمروا به ، مع علمه تعالى أنهم صادقون التقبيح على الكفار يوم القيامة. قوله : (هو عطف على أخذنا) ويصح أن يكون في الكلام احتباك ، وهو الحذف من الثاني ، نظير ما أثبت الأول ، والتقدير ليسأل الصادقين عن صدقهم ، فأعد لهم نعيما مقيما ، ويسأل الكافرين عما أجابوا به رسلهم ، وأعد لهم عذابا أليما.