الكفار (قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ) من الابتلاء والنصر (وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) في الوعد (وَما زادَهُمْ) ذلك (إِلَّا إِيماناً) تصديقا بوعد الله (وَتَسْلِيماً) (٢٢) لأمره (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) من الثبات مع النبي صلىاللهعليهوسلم (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) مات أو قتل في سبيل الله (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) ذلك (وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (٢٣) في العهد وهم بخلاف حال المنافقين (لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ) بأن يميتهم على نفاقهم (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً) لمن تاب (رَحِيماً) (٢٤) به (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي الأحزاب (بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً) مرادهم من الظفر بالمؤمنين (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) بالريح والملائكة (وَكانَ اللهُ قَوِيًّا) على إيجاد ما يريده (عَزِيزاً) غالبا على أمره (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) أي قريظة (مِنْ صَياصِيهِمْ) حصونهم جمع صيصية وهو ما يتحصن به
____________________________________
فليس كذلك. قوله : (وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) أي بلسانه أو جنانه أو ما هو أعم. قوله : (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ) أي أبصروهم محدقين حول المدينة. قوله : (قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ) أي بقوله : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ). وقوله : (وَرَسُولُهُ) أي بقوله : إن الأحزاب سائرون إليكم بعد تسع ليال أو عشر ، والعاقبة لكم عليهم. قوله : (وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) أي ظهر صدق خبر الله ورسوله في الوعد بالنصر ، فاستبشروا بالنصر قبل حصوله ، وأظهر في محل الإضمار ، وزيادة في تعظيم اسم الله ، ولأنه لو أضمر الجمع بين اسم الله واسم رسوله في ضمير واحد ، مع أن النبي صلىاللهعليهوسلم عاب على من قال : من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصمهما فقد غوى ، فقال له : بئس خطيب القوم أنت ، قل : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ). قوله : (وَما زادَهُمْ) (ذلك) أي والوعد أو الصدق.
قوله : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا) إلخ ، هم جماعة من الصحابة نذروا أنهم إذا أدركوا حربا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا. قوله : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) أي وفى نذره بموته في القتال ، يقال : نحب ينحب ، من باب قتل نذر ، ومن باب ضرب بكى. قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) (ذلك) أي قضاء النحب بالموت في سبيل الله. قوله : (بخلاف حال المنافقين) أي فقد بدلوا وغيروا ، فكان الواحد منهم إذا أراد القتال ، إنما يقاتل خوفا على نفسه وماله ، لا طمعا في رضا الله. قوله : (لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ) متعلق بمحذوف تقديره خلق المؤمنين والمنافقين وفرق بين نياتهم ليجزي الله ، إلخ. قوله : (بأن يميتهم على نفاقهم) أشار بذلك إلى أن مفعول (شاءَ) محذوف ، ودفع بذلك ما يقال : إن عذابهم متحتم ، فكيف علق على المشيئة؟ فالتعليق بحسب علمنا ، وأما في علم الله فالأمر محتم ، إما بالسعادة أو الشقاوة ، وسيظهر ذلك للعباد. قوله : (بِغَيْظِهِمْ) الجملة حالية أي ملتبسين بالغيظ. قوله : (لَمْ يَنالُوا خَيْراً) حال ثانية. قوله : (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) أي لم يحصل بينهم اختلاط في الحرب ، وإنما كان بينهم ضرب بالسهام والخندق بينهم. قوله : (بالريح) أي فكفأت قدورهم وقطعت خيامهم. قوله : (والملائكة) أي بإلقاء الرعب في قلوبهم ، وتقدم بسط ذلك في القصة.
قوله : (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) إلخ ، شروع في ذكر قصة بني قريظة ، وذكرت