مَعَكَ) بخلاف من لم يهاجرن (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها) يطلب نكاحها بغير صداق (خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) النكاح بلفظ الهبة من غير صداق (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ) أي المؤمنين (فِي أَزْواجِهِمْ) من الأحكام بألا يزيدوا على أربع نسوة ، ولا يتزوجوا إلا بولي وشهود ومهر (وَ) في (ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) من الإماء بشراء وغيره ، بأن تكون الأمة ممن نحل لمالكها كالكتابية ، بخلاف المجوسية والوثنية ، وأن تستبرأ قبل الوطء (لِكَيْلا) متعلق بما قبل ذلك (يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) ضيق في النكاح (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) لما يعسر التحرز عنه (رَحِيماً) (٥٠) بالتوسعة في ذلك (تُرْجِي) بالهمزة والياء بدله تؤخر (مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَ) أيّ أزواجك عن نوبتها (وَتُؤْوِي) تضم (إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) منهن فتأتيها (وَمَنِ
____________________________________
التاء. قوله : (بخلاف من لم يهاجرن) أي فلا يحللن له ، وهذا الحكم كان قبل الفتح ، حين كانت الهجرة شرطا في الإسلام ، فلما نسخ حكم الهجرة ، نسخ هذا الحكم.
قوله : (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً) معطوف على مفعول (أَحْلَلْنا) أي وأما غير المؤمنة فلا تحل له ، وظاهر الآية أن النكاح ينعقد في حقه صلىاللهعليهوسلم بالهبة ، وحينئذ فيكون من خصوصياته ، والنساء اللاتي وهبن أنفسهن أربع : ميمونة بنت الحرث ، وزينب بنت خزيمة أم المساكين الأنصارية ، وأم شريك بنت جابر ، وخولة بنت حكيم. واعلم أنه يحرم على النبي تزوج الحرة الكتابية لما في الحديث : «سألت ربي أن لا أزوج إلا من كان معي في الجنة فأعطاني». ولقوله تعالى : (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) ولا يليق أن تكون المشركة أم المؤمنين ، ويحرم عليه أيضا نكاح الأمة ولو مسلمة ، لأن نكاحها مشروط بأمرين : خوف العنت ، وعدم وجود مهر الحرة ، وكلا الأمرين مفقود منه صلىاللهعليهوسلم ، وأما تسريه بالأمة الكتابية ففيه خلاف. قوله : (إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِ) أظهر في محل الإضمار ، تشريفا لهذا الوصف ، وإظهارا لعظمة قدره عليه.
قوله : (إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها) هذا الشرط في الشرط الأول ، فإن هبتها نفسها لا توجب حلها ، إلا إذا أراد نكاحها ، بأن يحصل منه القبول بعد الهبة ، أو يسألها في ذلك قبل الهبة فتدبر. قوله : (خالِصَةً) مصدر معمول لمحذوف ، أي خلصت لك خالصة ، ومجيء المصدر على هذا الوزن كثير ، كالعاقبة والعافية والكاذبة. قوله : (من غير صداق) أي ومن غير ولي وشهود. قوله : (وغيره) أي كهبة. قوله : (بخلاف المجوسية) إلخ ، فلا تحل لمالكها إلا إذا استسلمها ، وذلك كجواري السودان والحبشة والمغرب ، لأنهن يجبرن على الإسلام ، ولذا لا يجوز للكفار شراؤهن كما هو مقرر في الفقه. قوله : (وأن تستبرأ قبل الوطء) أي كتابية كانت أو مجوسية. قوله : (متعلق بما قبل ذلك) أي وهو قوله : (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ) والمعنى : أحللنا لك أزواجك ، وما ملكت يمينك ، والموهوبة لك ، لئلا يكون عليك ضيق. قوله : (لما يعسر التحرز عنه) أي لقولهم إذا ضاق الأمر اتسع.
قوله : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَ) إلخ ، اتفق المفسرون على أن المقصود من هذه الآية ، التوسعة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في معاشرته لنسائه ، واختلفوا في تأويله ، وأصح ما قيل فيها : التوسعة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ترك القسم ، فكان لا يجب عليه القسم بين زوجاته ، لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت