بالدعاء (إِلى طَعامٍ) فتدخلوا (غَيْرَ ناظِرِينَ) منتظرين (إِناهُ) نضجه مصدر أنى يأني (وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا) تمكثوا (مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) من بعضكم لبعض (إِنَّ ذلِكُمْ) المكث (كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ) أن يخرجكم (وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) أن يخرجكم أي لا يترك بيانه ، وقرىء يستحي بياء واحدة (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَ) أي أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم (مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) ستر (ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَ) من الخواطر المريبة (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) بشيء (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ
____________________________________
لَكُمْ) أي إلا بسبب الإذن لكم. قوله : (إِلى طَعامٍ) متعلق بيؤذن لتضمينه معنى يدعى كما قدره المفسر. قوله : (فتدخلوا) (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) هذا التقدير غير مناسب ، لأنه يقتضي أن الدخول مع الإذن ، لا يجوز معه انتظار نضج الطعام ، مع أنه يجوز ، فالمناسب حذف هذا التقدير ، إذ هذه الآية نزلت في قوم كانوا يدخلون من غير إذن ، وينتظرون نضج الطعام ، فنهاهم الله عن كل من الأمرين. والحاصل : أن أسباب النزول في هذه الآيات تعددت ، منها : أن قوما كانوا يدخلون بيوت النبي بغير دعوى وينتظرون نضج الطعام ، ومنها : أن قوما كانوا يدخلون بإذن ويتخلفون بعد ما طعموا مستأنسين لحديث ، ومنها : مؤاكلة الأجانب مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحضور زوجاته ، فنزلت آية الحجاب ، ونهى عن ذلك كله ، وهذه آيات الحجاب الخصوص أمهات المؤمنين ، وأما لعموم الأمة ، فقد تقدم في سورة النور تأمل. قوله : (مصدر أنى يأني) أي من باب رمى ، وقياس مصدر أنى ، لكن لم يسمع ، وإنما المسموع إنى بالكسر والقصر.
قوله : (فَإِذا طَعِمْتُمْ) أي أكلتم الطعام. قوله : (فَانْتَشِرُوا) أي اذهبوا حيث شئتم في الحال ، ولا تمكثوا بعد الأكل والشرب. قوله : (وَلا) (تمكثوا) (مُسْتَأْنِسِينَ) أشار بذلك إلى أن (مُسْتَأْنِسِينَ) حال من محذوف ، وذلك المحذوف معطوف على انتشروا. قوله : (كانَ يُؤْذِي النَّبِيَ) أي لتضيقه عليه. قوله : (فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ) أي من إخراجكم. قوله : (وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) المراد بالحق إخراجكم من منزله ، وأطلق الاستحياء في حق الله ، وأريد لازمه وهو ترك البيان. قوله : (بياء واحدة) أي قراءة شاذة في الثاني. قوله : (فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) روي أن عمر قال : يا رسول الله ، يدخل عليك البر والفاجر ، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ، فنزلت ، وروي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يأكل ومعه بعض أصحابه ، فأصابت يد رجل منهم عائشة ، وهي تأكل معهم ، فكره النبي ذلك ، فنزلت هذه الآية. قوله : (ذلِكُمْ) أي ما ذكر من عدم الدخول بغير إذن ، وعدم الاستئناس للحديث ، وسؤال المتاع من وراء الحجاب. قوله : (من الخواطر المريبة) أي أنفى وأبعد لدفع الريبة والتهمة ، وهو يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يثق بنفسه في الخلوة ، مع من لا تحل له ، فإن مجانبة ذلك أحسن لحاله وأحصن لنفسه.
قوله : (وَما كانَ لَكُمْ) أي ما صح وما استقام لكم ، وقوله : (أَنْ تُؤْذُوا) وهو اسم (كانَ) ، و (لَكُمْ) خبرها ، و (أَنْ تَنْكِحُوا) عطف على اسم (كانَ) نزلت هذه الآية في رجل من الصحابة يقال له طلحة بن عبيد الله ، قال في سره : إذا قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم نكحت عائشة ، ثم ندم هذا الرجل ، ومشى على رجليه ، وحمل على عشرة أفراس في سبيل الله ، وأعتق رقبة ، فكفر الله عنه. قوله : (مِنْ بَعْدِهِ) أي