بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة سبإ
مكيّة
إلا (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) الآية. وهي أربع أو خمس وخمسون آية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) حمد تعالى نفسه بذلك ، والمراد به الثناء بمضمونه من ثبوت الحمد ، وهو الوصف بالجميل لله تعالى (الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ملكا وخلقا (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) كالدنيا يحمده أولياؤه إذا دخلوا الجنة (وَهُوَ
____________________________________
بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة سبأ مكية
إلا (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) الآية. وهي أربع أو خمس وخمسون آية
بالصرف وتركه كما سيأتي ، سميت بذلك لذكر قصة سبأ فيها ، من باب تسمية الشيء باسم بعضه. قوله : (حمد تعالى) من باب فهم. قوله : (المراد به) بالجر نعت لاسم الإشارة. قوله : (الثناء بمضمونه) أي انشاء الثناء بمضمونه ، وهو الوصف بالجميل ، وليس المراد انشاء المضمون ، لأن اتصافه بالجميل أزلي ثابت له سبحانه وتعالى ، وإنما تعبدنا الله تعالى ، بتجديد حمد موافق للحمد الأزلي ، وهذا يؤيد قول بعض العلماء : إن أل في الحمد عهدية ، لأن الله لما علم عجز خلقه في كنهه ، حمد نفسه بنفسه أزلا ، وأمرهم أن يحمدوه بحمد موافق لحمده ، فتحصل أن الوصف بالجميل ثابت لله أزلا ، وإنشاء الثناء به حادث ، فقول الله تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ) اللفظ والتلفظ حادثان دالان على معنى قديم ، وهو اتصاف الله بالجميل. إن قلت : الحمد مدح ، ومدح النفس مذموم بين الخلق ، فما وجه ذلك؟ أجيب : بأن أوصاف الرب لا تقاس على أوصاف العبيد ، ألا ترى الاتصاف بالعظمة والكبرياء ، فإنها نقص في الخلق ، كمال في الخالق ، وبهذا انهدم قول المعتزلة : إن كل ما حسنه العقل يوصف به الرب ، وكل ما قبحه العقل ينزه عنه ، وبنوا على ذلك أمورا فاسدة منها : وجوب الصلاح والأصلح ، وغير ذلك. قوله : (ملكا وخلقا) أي إن كل ما في السماوات وما في الأرض ، مملوك ومخلوق له سبحانه وتعالى.
قوله : (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) أي في نظير النعم التي تعطى لأهل الإيمان ، فالحمد في الآخرة مخصوص بمن آمن ، وأما الكفار فليسوا من أهله. قوله : (كالدنيا) أشار بذلك إلى أن في الآية اكتفاء. قوله : (يحمده أولياؤه) المراد بهم المؤمنون. قوله : (إذا دخلوا الجنة) أي فيقولون : الحمد لله الذي أذهب عنا