لنفسه بما حمله (جَهُولاً) (٧٢) به (لِيُعَذِّبَ اللهُ) اللام متعلقة بعرضنا المترتب عليه حمل آدم (الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ) المضيعين الأمانة (وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) المؤدين الأمانة (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) للمؤمنين (رَحِيماً) (٧٣) بهم.
____________________________________
لآدم : إن عرضت الأمانة على السماوات والأرض والجبال فلم تطقها. فهل أنت آخذها بما فيها؟ قال : يا رب وما فيها؟ قال : إن أحسنت جوزيت ، وإن أسأت عوقبت ، فحملها آدم فقال : بين أذني وعاتقي ، قال الله تعالى : أما إذا تحملت فسأعينك ، وأجعل لبصرك حجابا ، فإذا خشيت أن تنظر إلى ما لا يحل ، فأرخ عليه حجابه ، وأجعل للسانك لحيين وغلاقا ، فإذا خشيت فأغلق عليه ، وأجعل لفرجك لباسا ، فلا تكشفه على ما حرمت عليك ، قال مجاهد : فما كان بين أن تحملها ، وبين أن أخرج من الجنة ، إلا مقدار ما بين الظهر إلى العصر.
قوله : (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً) (لنفسه) أي حيث حملها ما لا تطيقه ، وقوله : (جَهُولاً) (به) أي بما حمله ، وقيل جهولا بقدر ربه ، لأنه لا يعلم قدره غيره ، وهذا يناسب تفسير الإنسان بآدم ، وعود الضمير عليه ، وإن أريد بالضمير ما يشمله وأولاده ، فيكون في الكلام استخدام ، فيقال في الأنبياء والصالحين منهم كذلك ، وفي غيرهم الظلم والجهل ، من حيث خيانته في الأمانة ومجاوزته حد الشرع.
قوله : (لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ) اللام للعاقبة والصيرورة على حد (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ). قوله : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) (للمؤمنين) أي حيث عفا عما سلف منهم. قوله : (رَحِيماً) (بهم) أي حيث أثابهم وأكرمهم بأنواع الكرامات ، وحكمة اخبار الأمة بما حصل من تحمل آدم الأمانة ليكونوا على أهبة ، ويعرفوا أنهم متحملون أمرا عظيما لم تقدر على حمله الأرض والسموات والجبال ، وقيل في حق المعصوم : إنه كان ظلوما جهولا.