مِمَّا قالُوا) بأن وضع ثوبه على حجر ليغتسل ، فقرّ الحجر به حتى وقف بين ملإ من بني إسرائيل ، فأدركه موسى فأخذ ثوبه فاستتر به ، فرأوه لا أدرة به وهي نفخة في الخصية (وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) (٦٩) ذا جاه. ووما أوذي به نبينا صلىاللهعليهوسلم أنه قسم قسما ، فقال رجل : هذه قسمة ما أريد بها وجه الله تعالى ، فغضب النبي صلىاللهعليهوسلم من ذلك وقال : يرحم الله موسى ، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر ، رواه البخاري. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (٧٠) صوابا (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) يتقبلها (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) (٧١) نال غاية مطلوبه (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ) الصلوات وغيرها مما في فعلها من الثواب وتركها من العقاب (عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) بأن خلق فيها فهما ونطقا (فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ) خفن (مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) آدم بعد عرضها عليه (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً)
____________________________________
نظرت بنو إسرائيل سوأة موسى فقالوا : والله ما بموسى من بأس ، فقام الحجر حتى نظروا إليه ، فأخذ ثوبه فاستتر به ، وطفق بالحجر ضربا ، قال أبو هريرة : والله إن به ندبا ، أي اثرا ، ستة أو سبعة من ضرب موسى.
قوله : (فَبَرَّأَهُ اللهُ) أي أظهر له براءته لهم. قوله : (وهي نفخة في الخصية) أي بسبب انصباب مادة أو ريح غليظ فيها. قوله : (وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) المراد عندية مكانه وقدر لا مكان. قوله : (فغضب النبي من ذلك) أي وقال كما في رواية : «إن لم أعدل من يعدل ، خسرت وندمت إن لم أعدل». قوله : (قَوْلاً سَدِيداً) المراد قولا فيه رضا الله ، بأن يكون ما يعني الإنسان ، فدخل في ذلك جميع الطاعات القولية ، وهذا التفسير أتم من غيره. قوله : (يتقبلها) أي يثبكم عليها. قوله : (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) أي يمحها من الصحف ، أو يسترها عن الملائكة.
قوله : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) اختلف في المراد بالأمانة ، فأحسن ما قيل فيها : إنها التكاليف الشرعية ، وقيل : إنها قواعد الدين الخمس ، وقيل : هي الودائع ، وقيل : الفرج ، وقيل : غير ذلك ، روي أن الله تعالى قال للسماوات والأرض والجبال : أتحملن هذه الأمانة بما فيها؟ قلن : وما فيها؟ قال : إن أحسنتن جوزيتن ، وإن عصيتن عوقبتن ، قلن : لا يا رب نحن مسخرات لأمرك ، لا نريد ثوابا ولا عقابا ، وقلن ذلك خوفا وخشية وتعظيما لدين الله لئلا يقمن بها ، لا معصية ولا مخالفة لأمره ، وكان العرض عليهن تخييرا لا إلزاما ، ولو ألزمهن لم يمتنعن من حملها. قوله : (من الثواب) بيان لما ، أي عرضناها مع الثواب والعقاب على السموات إلخ. قوله : (بأن خلق فيها فهما) أي حتى عقلت الخطاب ، وقوله : (ونطقا) أي حتى ردت الجواب.
قوله : (فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها) أي استصغارا أو خوفا من عدم الوفاء بها ، فليس إباؤهن كإباء إبليس من السجود لآدم ، لأن السجود كان فرضا ، والأمانة كانت عرضا ، وإباؤه استكبارا ، وإباؤهن استصغارا. قوله : (وَأَشْفَقْنَ مِنْها) أي خفن من عدم القيام بها وعدم أدائها. قوله : (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) عطف على محذوف تقديره فعرضناها على الإنسان فحملها. قوله : (بعد عرضها عليه) روي أن الله عزوجل قال