إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ) يعلمك بها أي أنت لا تعلمها (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ) توجد (قَرِيباً) (٦٣) (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ) أبعدهم (وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً) (٦٤) نارا شديدة يدخلونها (خالِدِينَ) مقدرا خلودهم (فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا) يحفظهم عنها (وَلا نَصِيراً) (٦٥) يدفعها عنهم (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ) للتنبيه (يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) (٦٦) (وَقالُوا) أي الأتباع منهم (رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا) وفي قراءة ساداتنا جمع الجمع (وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) (٦٧) طريق الهدى (رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ) أي مثلي عذابنا (وَالْعَنْهُمْ) عذبهم (لَعْناً كَبِيراً) (٦٨) عدده وفي قراءة بالموحدة أي عظيما (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا) مع نبيكم (كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى) بقولهم مثلا : ما يمنعه أن يغتسل معنا إلا أنه آدر (فَبَرَّأَهُ اللهُ
____________________________________
عن الساعة أهل مكة واليهود ، فسؤال أهل مكة استهزاء ، وسؤال اليهود امتحان ، لأن الله أخفى علمها في التوراة ، فإن أجابهم بالتعيين ثبت عندهم كذبه ، وإن أجابهم بقوله : علمها عند ربي مثلا ، ثبتت نبوته وصدقه ، فقول المفسر (أي أهل مكة) أي واليهود. قوله : (عَنِ السَّاعَةِ) أي عن أصل ثبوتها ، وعن وقت قيامها. قوله : (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) أي لم يطلع عليها أحد ، وهذا إنما هو وقت السؤال ، وإلا فلم يخرج نبينا صلىاللهعليهوسلم من الدنيا ، حتى أطلعه الله على جميع المغيبات ومن جملتها الساعة ، لكن أمر بكتم ذلك.
قوله : (وَما يُدْرِيكَ ما) استفهامية مبتدأ ، وجملة (يُدْرِيكَ) خبره ، والاستفهام إنكاري. قوله : (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً لَعَلَ) حرف ترج ونصب ، و (السَّاعَةِ) اسمها ، وجملة (تَكُونُ) خبرها ، و (قَرِيباً) حال وتكون تامة ، ولذا فسرها بتوجد ، والمعنى قل أترجى وجود الساعة عن قريب ، فكل منهما جملة مستقلة لما ورد : أن الدنيا سبعة آلاف سنة ، بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الألف السابع ، فلم يبق من الدنيا إلا القليل. قوله : (أبعدهم) أي عن رحمته. قوله : (مقدرا خلودهم) أشار بذلك إلى أن قوله : (خالِدِينَ) حال مقدرة. قوله : (فِيها) أي من السعير ، وأنثه مراعاة لمعناه. قوله : (أَبَداً) تأكيد لما استفيد من قوله : (خالِدِينَ).
قوله : (يَوْمَ تُقَلَّبُ) إما ظرف لخالدين ، أو ليقولون مقدم عليه ، والمعنى تصرف من جهة إلى جهة ، كاللحم يشوى بالنار. قوله : (يَقُولُونَ يا لَيْتَنا) كلام مستأنف واقع في جواب سؤال مقدر كأنه قيل : ما ذا صنعوا عند ذلك؟ فقيل : يقولون متحسرين على ما فاتهم (يا لَيْتَنا) إلخ. قوله : (وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) بألف بعد اللام ، وبدونها هنا ، وفي قوله : (السَّبِيلَا) قراءتان سبعيتان ، وتقدم التنبيه على ذلك. قوله : (سادَتَنا) جمع إما لسيد أو لسائد على غير قياس. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (جمع الجمع) أي جمع تصحيح بالألف والتاء لسادة ، الذي مفرده إما سيد أو سائد. قوله : (أي مثلي عذابنا) أي لأنهم ضلوا وأضلوا. قوله : (وفي قراءة بالموحدة) أي وهما سبعيتان. قوله : (ما يمنعه أن يغتسل معنا) إلخ ، أي لما روي أن بني إسرائيل كانوا يغتسلون عراة ، ينظر بعضهم إلى سوأة بعض ، وكان موسى يغتسل وحده ، فقالوا : والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا ، إلا أنه آدر ، فذهب يوما يغتسل ، فوضع ثوبه على حجر ، ففر الحجر بثوبه ، فجلع موسى عليهالسلام يعدو إثره يقول : ثوبي حجر ، ثوبي حجر ، حتى