الجنة (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي) إبطال (آياتِنا) القرآن (مُعاجِزِينَ) وفي قراءة هنا وفيما يأتي معاجزين ، أي مقدرين عجزنا أو مسابقين لنا فيفوتونا لظنهم أن لا بعث ولا عقاب (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ) سيىء العذاب (أَلِيمٌ) (٥) مؤلم بالجر والرفع ، صفة لرجز وعذاب (وَيَرَى) يعلم (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) مؤمنو أهل الكتاب ، كعبد الله بن سلام وأصحابه (الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) أي القرآن (هُوَ) فصل (الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ) طريق (الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (٦) أي الله ذي العزة المحمود (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي قال بعضهم على وجهة التعجيب لبعض (هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ) هو محمد (يُنَبِّئُكُمْ) يخبركم أنكم (إِذا مُزِّقْتُمْ) قطعتم (كُلَّ مُمَزَّقٍ) بمعنى تمزيق (إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) (٧) (أَفْتَرى) بفتح الهمزة للاستفهام ، واستغنى بها عن
____________________________________
الله تعالى. قوله : (وَالَّذِينَ سَعَوْا) عطف على قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا) وما بينهما اعتراض سيق لبيان جزاء المؤمنين ، وهذا أحسن من جعله مبتدأ خبره (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ) إلخ. قوله : (في ابطال) (آياتِنا) أي بالطعن فيها ونسبتها إلى الأكاذيب. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (مقدرين عجزنا) إلخ ، لف ونشر مرتب ، والمعنى مؤملين أنهم يعجزون رسولنا ، بسبب سعيهم في إبطال القرآن. قوله : (أو مسابقين لنا) أي مغالبين لنا بسبب طعنهم في القرآن ، ظانين أن مغالبتم تمنع عنهم العذاب ، وذلك أن القرآن يثبت البعث والعذاب لمن كفر ، فيطعنون فيه ويريدون ابطاله ، لظنهم أن ذلك الإبطال ينفعهم ، فيفروا من البعث والعذاب ، لاعتقادهم بطلانه. قوله : (لظنهم أن لا بعث) إلخ ، علة لقوله : (سَعَوْا). قوله : (بالجر والرفع) أي فهما قراءتان سبعيتان.
قوله : (وَيَرَى) إما بالرفع بضمة مقدرة على الاستئناف ، أو بالنصب على أنه معطوف على يجزي ، فقول المفسر (يعلم) يصح قراءته بالوجهين ، و (الَّذِينَ) فاعل ، و (الَّذِي أُنْزِلَ) مفعول أول وهو ضمير فصل ، و (الْحَقَ) مفعول ثان ، وقوله : (وَيَهْدِي) إما عطف على (الْحَقَ) من باب عطف الفعل على الاسم الخالص ، كأنه قيل : (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) الحق وهاديا ، أو مستأنف ، أو حال بتقدير وهو يهدي. قوله : (مؤمنو أهل الكتاب) هذا أحد أقوال ، وقيل : المراد بهم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقيل : جميع المسلمين. قوله : (الْعَزِيزِ) أي عديم النظير والشبيه والمثيل ، أو من عز بمعنى قهر وغلب. قوله : (الْحَمِيدِ) فعيل بمعنى مفعول ، أي محمود في ذاته وصفاته وأفعاله. قوله : (هو محمد) نكروه تجاهلا وسخرية ، كأنهم لم يعرفوا منه إلا أنه رجل ، مع أنه عندهم أشهر من الشمس في رائعة النهار.
قوله : (إِذا مُزِّقْتُمْ) يتعين أن عامل الظرف محذوف تقديره تبعثون وتحشرون إذا مزقتم إلخ ، يدل عليه قوله : (إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) ولا يصح أن يكون عامله (يُنَبِّئُكُمْ) لأن الإخبار لم يقع في ذلك الوقت ، ولا قوله : (مُزِّقْتُمْ) لأنه مضاف إليه ، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف ، ولا (خَلْقٍ جَدِيدٍ) لأن ما بعد أن لا يعمل فيما قبلها ، وعبارة المفسر غير وافية بالمراد ، فلو قال : يخبركم أنكم تبعثون إذا مزقتم لوفى بالمقصود. قوله : (بمعنى تمزيق) أشار بذلك إلى أن ممزق اسم مصدر ، لأن كل ما زاد على الثلاث يجيء بالميم ، مصدره وزمانه ومكانه ، على زنة اسم مفعول. قوله : (إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) أي تنشؤون