همزة الوصل (عَلَى اللهِ كَذِباً) في ذلك (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) جنون تخيل به ذلك ، قال تعالى : (بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) المشتملة على البعث والعذاب (فِي الْعَذابِ) فيها (وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ) (٨) من الحق في الدنيا (أَفَلَمْ يَرَوْا) ينظروا (إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) ما فوقهم وما تحتهم (مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً) بسكون السين وفتحها قطعة (مِنَ السَّماءِ) وفي قراءة في الأفعال الثلاثة بالياء (إِنَّ فِي ذلِكَ) المرئي (لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) (٩) راجع إلى ربه ، تدل على قدرة الله على البعث وما يشاء (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً) نبوة وكتابا وقلنا (يا جِبالُ أَوِّبِي) ارجعي (مَعَهُ) بالتسبيح (وَالطَّيْرَ) بالنصب عطفا على محل الجبال ، أي ودعوناها تسبح معه (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) (١٠) فكان في يده كالعجين
____________________________________
خلقا جديدا بعد تمزيق أجسامكم.
قوله : (أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) يحتمل أن يكون من تمام قول الكافرين (هَلْ نَدُلُّكُمْ) إلخ ، ويحتمل أن يكون من كلام السامع جوابا للقائل. قوله : (واستغنى بها) أي بهمزة الاستفهام ، لأنها كافية في التوصل للنطق بالساكن. قوله : (في ذلك) أي الإخبار بالبعث. قوله : (جنون) أي خبل في عقله. قوله : (قال تعالى) أشار بذلك إلى أنه هذا إنشاء كلام من الله ردا عليهم ، وما تقدم وإن كان كلامه ، إلا أنه حكاية عنهم. قوله : (الْعَذابِ) أي في الآخرة ، وذكره إشارة إلى أنه متحتم الوقوع ، فنزل المتوقع منزلة الواقع ، وقدمه على (الضَّلالِ) وإن كان الضلال حاصلا لهم بالفعل ، لأن التسلية بحصول العذاب لهم ، أتم من الأخبار بكونهم في الضلال.
قوله : (أَفَلَمْ يَرَوْا) الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة عليه ، والتقدير أعموا فلم يروا ، إلخ. قوله : (إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) المراد به ما ينظر له من غير التفات ، وقوله : (وَما خَلْفَهُمْ) المراد به ما ينظر له بالتفات ، فالمراد جميع الجهات. قوله : (مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) بيان لما ، والمعنى أفلم يتفكروا في أحوال السماء والأرض ، فيستدلوا على باهر قدرته تعالى؟ وقد علمنا الله كيفية النظر بقوله : (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) الآية. قوله : (إِنْ نَشَأْ) هذا تحذير للكفار كأنه قيل : لم يبق من أسباب وقوع العذاب بكم ، إلا تعلق مشيئتنا به. قوله : (نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ) أي كما خسفناها بقارون. قوله : (أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً) أي كما أسقطناها على أصحاب الأيكة. قوله : (بسكون السين وفتحها) أي فهما قراءتان سبعيتان ، وكل منهما جمع كسفة ، فقول المفسر (قطعة) المناسب قطعا. قوله : (في الأفعال الثلاثة) أي نشأ ونخسف ونسقط. قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ) (المرئي) أي من السماء والأرض.
قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا) اللام موطئة لقسم محذوف تقديره وعزتنا وجلالنا. قوله : (وكتابا) أي وهو الزبور. قوله : (وقلنا) قدره اشارة إلى أن قوله : (يا جِبالُ) مقول لقول محذوف معطوف على قوله : (آتَيْنا) فهو زيادة على الفضل. قوله : (أَوِّبِي) بفتح الهمزة وتشديد الواو أمر من التأويب وهو الترجيع ، وهو قراءة العامة ، وقرىء شذوذا أوبي بضم الهمزة وسكون الواو ، أمر من آب بمعنى رجع أي ارجعي وعودي معه في التسبيح كلما سبح ، فكان داود إذا سبح اجابته الجبال وعطفت عليه (الطَّيْرَ) من فوقه ،