اليهود على شيء (فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ) محمد صلىاللهعليهوسلم (ما زادَهُمْ) مجيئه (إِلَّا نُفُوراً) (٤٢) تباعدا عن الهدى (اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ) عن الإيمان مفعول له (وَمَكْرَ) العمل (السَّيِّئِ) من الشرك وغيره (وَلا يَحِيقُ) يحيط (الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) وهو الماكر ، ووصف المكر بالسيىء أصل ، وإضافته إليه قبل استعمال آخر قدر فيه مضاف حذرا من الإضافة إلى الصفة (فَهَلْ يَنْظُرُونَ) ينتظرون (إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) سنة الله فيهم من تعذيبهم بتكذيبهم رسلهم (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) (٤٣) أي لا يبدل بالعذاب غيره ، ولا يحول إلى غير مستحقه (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) فأهلكهم الله بتكذيبهم رسلهم (وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ) يسبقه ويفوته (فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً) أي بالأشياء كلها (قَدِيراً) (٤٤) عليها (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما
____________________________________
يقول : أي كل واحدة منها. قوله : (ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً) جواب لما ، وفيه اشعار بأن فيهم أصل النفور ، لكونهم جاهلية لم يأتهم نذير من عهد اسماعيل. قوله : (مفعول له) أي لأجل الاستكبار ، وصح أن يكون بدلا من نفورا ، أو حالا من ضمير زادهم ، أي حال كونهم مستكبرين. قوله : (ووصف المكر بالسيىء) أي في قوله : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ) وقوله : (أصل) أي جاء على الأصل من استعمال الصفة تابعة للموصوف. قوله : (وإضافته إليه قبل) أي في قوله : (وَمَكْرَ السَّيِّئِ). قوله : (استعمال آخر) أي جاء على خلاف الأصل حيث أضيف فيه الموصوف للصفة. قوله : (قدر فيه مضاف) أي مضاف إليه ، وقوله : (حذرا من الإضافة إلى الصفة) أي من اضافة المكر ، الذي هو الموصوف إلى السيىء ، الذي هو الصفة ، فيجعل المكر مضافا لمحذوف ، والسيىء صفة لذلك المحذوف ، وتلك الإضافة من اضافة العام للخاص ، لأن المكر يشمل الاعتقاد والعمل ، فإضافته للعمل تخصيص له.
قوله : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) إلا فلا ينتظرون إلا تعذيبهم كمن قبلها. قوله : (سنة الله فيهم) أشار بذلك إلى أن قوله : (سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) مصدر مضاف لمفعوله ، وسيأتي اضافته لفاعله في قوله : (لِسُنَّتِ اللهِ). قوله : (فَلَنْ تَجِدَ) الفاء للتعليل كأنه قيل : لا ينتظرون إلا تعذيبهم كمن قبلهم ، لأنك أيها العاقل لن تجد إلخ. قوله : (أي لا يبدل بالعذاب غيره ولا يحول إلى غير مستحقه) أشار بذلك إلى أن المراد بالتبديل ، تغيير العذاب يغيره ، والتحويل نقله لغير مستحقه ، وجمع بينهما للتهديد والتقريع. قوله : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا) الهمزة داخلة على محذوف ، والتقدير أتركوا السفر ولم يسيروا ، وهو استشهاد على أن سنة الله لا تبديل لها ولا تحويل ، والاستفهام انكاري بمعنى النفي ، ونفي النفي إثبات. والمعنى : بل ساروا في الأرض ، ومروا على ديار قوم صالح ، وقوم لوط ، وقوم شعيب وغيرهم ، فنظروا آثار ديارهم. قوله : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي على أي حالة كانت ، ليعلموا أنهم ما أخذوا إلا بتكذيب رسلهم ، فيخافوا أن يفعل بهم مثل ذلك. قوله : (وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) أي أطول أعمارا ، والجملة حالية أو معطوفة على قوله : (مِنْ قَبْلِهِمْ).
قوله : (وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ) إلخ ، تقرير لما فهم من استئصال الأمم السابقة. قوله : (إِنَّهُ كانَ عَلِيماً