الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ) شركة مع الله (فِي) خلق (السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ) حجة (مِنْهُ) بأن لهم معي شركة لا شيء من ذلك (بَلْ إِنْ) ما (يَعِدُ الظَّالِمُونَ) الكافرون (بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً) (٤٠) باطلا بقولهم : الأصنام تشفع لهم (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) أي يمنعهما من الزوال (وَلَئِنْ) لام قسم (زالَتا إِنْ) ما (أَمْسَكَهُما) يمسكهما (مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) أي سواه (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (٤١) في تأخير عقاب الكفار (وَأَقْسَمُوا) أي كفار مكة (بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) غاية اجتهادهم فيها (لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ) رسول (لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ) اليهود والنصارى وغيرهم ، أي أيّ واحدة منها ، لما رأوا من تكذيب بعضهم بعضا ، إذ قالت اليهود : ليست النصارى على شيء ، وقالت النصارى : ليست
____________________________________
شيئا من أموالهم لآلهتهم ، وينفقونه على خدمتها ، ويذبحون عندها. قوله : (ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) أي أي شيء خلقه من الأمور التي في الأرض ، كالحيوانات والنباتات والأشجار وغير ذلك. قوله : (أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ أَمْ) في الموضعين منقطعة تفسير ببل والهمزة. قوله : (آتَيْناهُمْ) أي الشركاء. قوله : (عَلى بَيِّنَةٍ) بالإفراد والجمع ، قراءتان سبعيتان. قوله : (لا شيء من ذلك) جواب الاستفهام في الجمل الثلاث وهو انكاري.
قوله : (بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ) لما ذكر نفي الحجج ، أضرب عنه بذكر الأمر الحامل للرؤساء على الشرك وإضلال الأتباع ، وهو قولهم لهم إنهم شفعاء عند الله. قوله : (بَعْضُهُمْ) بدل من (الظَّالِمُونَ) قوله : (بقولهم) أي الرؤساء للأتباع. قوله : (أي يمنعهما من الزوال) أشار بذلك إلى أن الإمساك بمعنى المنع ، وقوله : (أَنْ تَزُولا إِنَ) وما دخلت عليه ، في تأويل مصدر مفعول ثان على اسقاط من. قوله : (وَلَئِنْ زالَتا) اجتمع قسم وشرط ، فقوله : (إِنْ أَمْسَكَهُما) جواب الأول ، وحذف جواب الثاني على القاعدة المعروفة. قوله : (مِنْ أَحَدٍ مِنْ) زائدة في الفاعل ، وقوله : (مِنْ بَعْدِهِ مِنْ) ابتدائية ، والتقدير : ما أمسكهما أحد مبتدأ وناشئا من غيره.
قوله : (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) تعليل لقوله : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أي فإمساكهما حاصل بحلمه وغفرانه ، وإلا فكانتا جديرتين بأن تزولا ، كما قال تعالى (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) الآية ، فحلم الله تعالى من أكبر النعم على العباد ، إذ لو لاه لما بقي شيء من العالم ، فقول العامة : حلم الله يفتت الكبود ، إساءة أدب. قوله : (أي كفار مكة) أي قبل أن يبعث الله محمدا صلىاللهعليهوسلم حين بلغهم أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم ، فلعنوا من كذب نبيه منهم ، وأقسموا بالله تعالى ، لئن جاءهم نبي ينذرهم ، (لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ). قوله : (جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) الجهد بالفتح بلوغ الغاية في الاجتهاد ، وأما بالضم فهو الطاقة ، وإنما كان الحلف بالله غاية أيمانهم ، لأنهم كانوا يحلفون بآبائهم وأصنامهم ، فإذا أرادوا التأكيد والتشديد حلفوا بالله.
قوله : (لَيَكُونُنَ) هذه حكاية لكلامهم بالمعنى ، وإلا فلفظه لنكونن إلخ. قوله : (مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ) المراد من احدى الأحد الدائرة ، فالمعنى من كل الأمم ، فقول المفسر (أي أي واحدة منها) الأوضح أن