لهم (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما) وقتا (يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) الرسول فما أجبتم (فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ) الكافرين (مِنْ نَصِيرٍ) (٣٧) يدفع العذاب عنهم (إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٣٨) بما في القلوب ، فعلمه بغيره أولى بالنظر إلى حال الناس (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) جمع خليفة ، أي يخلف بعضكم بعضا (فَمَنْ كَفَرَ) منكم (فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) أي وبال كفره (وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً) غضبا (وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً) (٣٩) للآخرة (قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ) تعبدون (مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره وهم الأصنام الذين زعمتم أنهم شركاء الله تعالى (أَرُونِي) أخبروني (ما ذا خَلَقُوا مِنَ
____________________________________
لدلالة الآية الأخرى عليه. قوله : (صالِحاً) صفة لموصوف محذوف تقديره عملا صالحا. قوله : (فيقال لهم) أي على سبيل التوبيخ والتبكيت.
قوله : (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ) الهمزة داخلة على محذوف تقديره : أتعتذرون وتقولون (رَبَّنا أَخْرِجْنا) إلخ ، ولم نؤخركم ونمهلكم ونعطكم عمرا ، يتمكن فيه مريد التذكر من التذكر والتفكر قوله : (ما يَتَذَكَّرُ ما) نكرة موصوفة بمعنى وقت ، ولذا قدره المفسر. قوله : (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) عطف على معنى الجملة الاستفهامية ، كأنه قال : قروا بأننا عمرناكم وجاءكم النذير. قوله : (الرسول) أي رسول كان ، لأن هذا الكلام مع عموم الكفار ، من أول الزمان لآخره.
قوله : (فَذُوقُوا) مرتب على محذوف قدره المفسر بقوله : (فما أجبتم) فاندفع ما يقال : إن ظاهر الآية ، ربما يوهم أن إذاقتهم العذاب ، مرتبة على مجيء الرسول ، مع أنه ليس كذلك. قوله : (مِنْ نَصِيرٍ مَنْ) زائدة و (نَصِيرٍ) مبتدأ خبره الجار والمجرور قبله. قوله : (غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ما غاب عنا فيهما. قوله : (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) تعليل لما قبله ، كأنه قيل : إذا علم ما خفي في الصدور ، كأن أعلم بغيرها ، من باب أولى ، وقوله : (بالنظر إلى حال الناس) جواب عما يقال : علم الله لا تفاوت فيه ، بل جميع الأشياء مستوية في علمه ، لا فرق بين ما خفي منها على الخالق ، وما ظهر لهم ، فأجاب بما ذكر ، أي أن الأولوية من حيث عادة الناس الجارية ، أن من علم الخفي ، يعلم الظاهر بالأولى.
قوله : (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) أي رعاة مسؤولين عن رعاياكم ، من أنفسكم وأزواجكم وأولادكم وخدمكم ، فكل إنسان خليفة في الأرض وهو راع ، وكل راع مسؤول عن رعيته. قوله : (جمع خليفة) كذا في بعض النسخ بالتاء ، وفي بعض النسخ بلا تاء ، والأولى أولى ، لأن خليفا جمعه خلفاء ، وأما خليفة فجمعه خلائف. قوله : (أي وبال كفره) أي فلا يضر إلا نفسه. قوله : (وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ) ، بيان لوبال كفرهم وعاقبته.
قوله : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) إلخ ، رأى بصرية تتعدى لمفعول واحد إن كانت بلا همز ، وبالهمز كما هنا تتعدى لمفعولين : الأول قوله : (شُرَكاءَكُمُ) والثاني قوله : (ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) على سبيل التنازع ، لأن كلا من أرأيتم وأروني ، طالب ما ذا خلقوا من الأرض على أنه مفعول له قوله : (شُرَكاءَكُمُ) أضافهم لهم من حيث إنهم جعلوهم شركاء ، أو من حيث إنهم أشركوهم في أموالهم فإنهم كانوا يعينون