مرصع بالذهب (وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) (٣٣) (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) جميعه (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ) للذنوب (شَكُورٌ) (٣٤) للطاعات (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ) أي الإقامة (مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ) تعب (وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) (٣٥) إعياء من التعب لعدم التكليف فيها ، وذكر الثاني التابع للأول للتصريح بنفيه (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ) بالموت (فَيَمُوتُوا) يستريحوا (وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها) طرفة عين (كَذلِكَ) كما جزيناهم (نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) (٣٦) كافر بالياء والنون والمفتوحة مع كسر الزاي ونصب كل (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها) يستغيثون بشدة وعويل يقولون (رَبَّنا أَخْرِجْنا) منها (نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) فيقال
____________________________________
قوله : (مرصع بالذهب) تقدم أنه أحد قولين ، وقيل : إنهم يحلون فيها أسورة من ذهب ، وأسورة من فضة ، وأسورة من لؤلؤ. قوله : (وَقالُوا) عبر بالماضي لتحقق وقوعه. قوله : (جميعه) أي كخوف الأمراض والفقر والموت وزوال النعم ، وغير ذلك من آفات الدنيا وهمومها. قوله : (الَّذِي أَحَلَّنا) أي أدخلنا وأسكننا. قوله : (دارَ الْمُقامَةِ) مفعول ثان لأحلنا ، والمراد بها الجنة التي تقدم ذكرها. قوله : (لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ) حال من ضمير أحلنا البارز. قوله : (تعب) أي فلا نوم في الجنة لعدم التعب بها. قوله : (إعياء من التعب) أي فإذا اشتهى الشخص من أهل الجنة ، أين يسير وينظر ويتمتع بجميع ما أعطاه الله ، من الحور والغرف والقصور ، في أقل زمن فعل ، ولا يحصل له إعياء ولا مشقة ، وبالجملة فأحوال الجنة ، لا تقاس على أحوال الدنيا ، وهذه الآية فيها أعظم بشرى لهذه الأمة المحمدية. قوله : (وذكر الثاني) جواب عما يقال : ما الفائدة في نفي اللغوب ، مع أن انتفاءه يعلم من انتفاء النصب ، لأن انتفاء السبب ، يستلزم انتفاء المسبب.
قوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) إلخ ، هذا مقابل قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ) على حكم عادته سبحانه وتعالى في كتابه ، إذا ذكر أوصاف المؤمنين ، أعقبه بذكر أوصاف الكفار. قوله : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ) أي لا يحكم عليهم بالموت ، وقوله : (فَيَمُوتُوا) مسبب على قوله : (لا يُقْضى) وهو منفي أيضا ، لأنه يلزم من انتفاء السبب انتفاء المسبب. إن قلت : إن في هذه الآية دليلا على أن أهل النار لا يموتون ، وفي آية أخرى (لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) فيقتضي أن أهل النار حالة بين الحالتين ، مع أنه لا واسطة. وأجيب : بأن المعنى لا يموتون فيستريحون من العذاب ، ولا يحيون حياة طيبة.
قوله : (وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها) أي بحيث ينقطع عنهم زمنا ما ، وبهذا اندفع ما قيل : إن بعض أهل النار يخفف عنه ، كأبي طالب ، وأبي لهب ، لما ورد : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم تشفع في أبي طالب ، فتقل من ضحضاح من نار ، ينتعل بنعلين يغلي منهما دماغه ، وورد : أن أبا لهب يسقى في نقرة إبهامه ماء ، كل ليلة اثنين ، لعتقه جاريته ثويبة حين بشرته بولادته صلىاللهعليهوسلم ، فتحصل أن المراد بعدم التخفيف ، عدم انقطاعه عنهم ، وإن كان يحصل لبعضهم بعض تخفيف فيه. قوله : (بالياء) أي المضمومة مع فتح الزاي ورفع (كُلَ) ، وقوله : (والنون المفتوحة) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (يَصْطَرِخُونَ فِيها). أي يصيحون فيها. قوله : (وعويل) العويل رفع الصوت بالبكاء. قوله : (يقولون) قدره إشارة إلى أن قوله : (رَبَّنا أَخْرِجْنا) إلخ. مقول لقول محذوف معطوف على قوله : (يَصْطَرِخُونَ). قوله : (منها) قدره هنا