(كِتابَ اللهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ) أداموها (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) زكاة أو غيرها (يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) (٢٩) تهلك (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ) ثواب أعمالهم المذكورة (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ) لذنوبهم (شَكُورٌ) (٣٠) لطاعتهم (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ) القرآن (هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) تقدمه من الكتب (إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) (٣١) عالم بالبواطن والظواهر (ثُمَّ أَوْرَثْنَا) أعطينا (الْكِتابَ) القرآن (الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) وهم أمّتك (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) بالتقصير في العمل به (وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) يعمل به أغلب الأوقات (وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) يضم إلى العمل التعليم والإرشاد إلى العمل (بِإِذْنِ اللهِ) بإرادته (ذلِكَ) أي إيراثهم الكتاب (هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (٣٢) (جَنَّاتُ عَدْنٍ) إقامة (يَدْخُلُونَها) الثلاثة بالبناء للفاعل وللمفعول خبر جنات المبتدأ (يُحَلَّوْنَ) خبر ثان (فِيها مِنْ) بعض (أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً)
____________________________________
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ) أي يقرؤونه على طهارة أو لا ، على ظهر قلب أو في المصحف ، وفضل الله واسع. قوله : (زكاة أو غيرها) لف ونشر مشوش ، وهو تحضيض على الإنفاق كيفما تيسر. قوله : (يَرْجُونَ تِجارَةً) خبر (إِنَ) أي يرجون ثواب تجارة. قوله : (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ) اللام للعاقبة والصيرورة. قوله : (شَكُورٌ) أي يثيبهم على طاعتهم. قوله : (مِنَ الْكِتابِ مِنَ) لبيان الجنس أو للتبعيض. قوله : (هُوَ الْحَقُ) هو إما ضمير فصل أو مبتدأ ، و (الْحَقُ) خبر ، والجملة خبر (الَّذِي) و (مُصَدِّقاً) حال مؤكدة. قوله : (عالم بالبواطن والظواهر) لف ونشر مرتب.
قوله : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا) أتى بثم إشارة لبعد رتبتهم عن رتبة غيرهم من الأمة. قوله : (أعطينا) أشار بذلك إلى أن المراد بالتوريث الإعطاء ، ووجه تسميته ميراثا ، أن الميراث يحصل للوارث بلا تعب ولا نصب ، وكذلك إعطاء الكتاب حاصل بلا تعب ولا نصب ، قوله : (مِنْ عِبادِنا) بيان للمصطفين. قوله : (وهم أمتك) أي أمة الإجابة ، سواء حفظوه كلا أو بعضا ، أو لا ، وإلا فليس المراد بإعطاء الكتاب حفظه ، بل الاهتداء بهديه والاقتداء به. قوله : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) إلخ ، أي من غلبت سيئاته على حسناته ، والمقتصد من غلبت حسناته على سيئاته ، والسابق من لا تقع منه سيئة أصلا ، ولذا ورد في الحديث في تفسير هذه الآية : «سابقنا سابق ، ومقتصدنا ناج ، وظالمنا مغفور له». وقيل : الظالم هو راجح السيئات ، والمقتصد هو الذي تساوت سيئاته وحسناته ، والسابق هو الذي رجحت حسناته ، وقيل الظالم هو الذي ظاهره خير من باطنه ، والمقتصد من تساوى ظاهره وباطنه ، والسابق من باطنه خير من ظاهره ، وقدم الظالم على من بعده ، ليقوى رجاؤه في ربه ، ولئلا يعجب الطائع بعمله فيهلك ، وهذا على حد ما قيل في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).
قوله : (بِإِذْنِ اللهِ) متعلق بقوله سابق ، وإنما خص مع أن الكل بإذن الله ، تنبيها على عزة هذه المرتبة ، فأضيفت لله. قوله : (يَدْخُلُونَها) إلخ ، أتى بضمير جماعة الذكور في تلك الآيات ، تغليبا للمذكر على المؤنث ، وإلا فلا خصوصية للذكور. قوله : (بالبناء للفاعل وللمفعول) أي فهما قراءتان سبعيتان.