تَعْبُدُونَ) (٧٠) (قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً) صرحوا بالفعل ليعطفوا عليه (فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ) (٧١) أي نقيم نهارا على عبادتها ، زادوه في الجواب افتخارا به (قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ) حين (تَدْعُونَ) (٧٢) (أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ) إن عبدتموهم (أَوْ يَضُرُّونَ) (٧٣) كم إن لم تعبدوهم (قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ) (٧٤) أي مثل فعلنا (قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ) (٧٥) (أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ) (٧٦) (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) لا أعبدهم (إِلَّا) لكن (رَبَّ الْعالَمِينَ.) (٧٧) فإني أعبده (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) (٧٨) إلى الدين (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ) (٧٩) (وَإِذا
____________________________________
وإلا فهو خطاب لهم ولمن بعدهم إلى يوم القيامة. قوله : (ويبدل منه) أي بدل مفصل من مجمل. قوله : (ما تَعْبُدُونَ ما) اسم استفهام معمول لتعبدون ، والمعنى ما هذا الذي تعبدونه ، أي ما حقيقته. قوله : (صرحوا بالفعل) الخ ، جواب عما يقال : كان القياس أن يقولوا أصناما كقوله : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) فأجاب بأنهم صرحوا بالفعل ، ليعطفوا عليه ما فيه الافتخار. قوله : (أي نقيم نهارا على عبادتها) هذا معنى نظل الأصلي ، ولكن مقتضى الافتخار ، أن يكون معناها ندوم على عبادتها ليلا ونهارا. قوله : (زادوه) أي قوله : (فَنَظَلُ) الخ.
قوله : (قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ) أتى بالمضارع إشارة إلى أن هذا الوصف مستمر وثابت في الأصنام في الماضي والحال والاستقبال ، ولا بد من محذوف هنا ، دل عليه قوله : (إِذْ تَدْعُونَ) تقديره هل يسمعون دعاءكم؟ قوله : (إِذْ تَدْعُونَ إِذْ) هنا بمعنى إذا ، استحضارا للحال الماضية وحكاية لها تبكيتا عليهم. قوله : (قالُوا بَلْ وَجَدْنا) الخ ، هذا الجواب يفيد تسليم ما قاله إبراهيم ، وإنما اعتذروا عن ذلك بالتقليد ، فلما لم يجدوا مخلصا غيره احتجوا به. قوله : (قالَ أَفَرَأَيْتُمْ) الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة عليه ، والتقدير أتأملتم فعلكم أو أبصرتم ما كنتم تعبدونه. قوله : (وَآباؤُكُمُ) عطف على الضمير في (تَعْبُدُونَ) وهو ضمير رفع متصل ، فلذا فصل بالضمير المنفصل ، قال ابن مالك :
وإن على ضمير رفع متصل |
|
عطفت فافصل بالضمير المنفصل |
قوله : (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) أسند العداوة لنفسه تعريضا بهم ، وهو أبلغ في النصيحة من التصريح بأن يقول فإنهم عدو لكم ، إن قلت : كيف وصف الأصنام بالعداوة وهي لا تعقل؟ أجيب بأجوبة منها : أن المعنى عدو لي يوم القيامة إن عبدتهم في الدنيا ، ومنها أن الكلام على حذف مضاف ؛ أي فإن أصحابهم عدو لي ، ومنها أن الكلام على القلب أي فإني عدو لهم. قوله : (إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) أشار المفسر بقوله : (لكن) إلى أن الاستثناء منقطع ، والمعنى لكن رب العالمين ليس بعدوي ، بل هو وليي في الدنيا والآخرة. قوله : (الَّذِي خَلَقَنِي) نعت لرب العالمين ، أو بدل أو عطف بيان أو خبر لمحذوف ، وما بعده عطف عليه. قوله : (فَهُوَ يَهْدِينِ) أتى بالفاء هنا ، وفي قوله : (يَشْفِينِ) لترتب الهداية على الخلق والشفاء على المرض ، بخلاف الإطعام والإسقاء ، فليس بينهما ترتب ، وأتى بثم في جانب الاحياء ، لبعد زمنه عن زمن الموت ، لأن المراد به الاحياء في الآخرة. قوله : (إلى الدين) أي وغيره من مصالح دنياي وآخرتي ، وإنما خص الدين ، لأن المقام للرد ولأنه أهم.