الأوّل دون الثاني ، من جهة أنّ التكليف لا يتعلّق إلّا بالمقدور والمقدور فيما إذا كانت المقدّمة سببا هو السبب لا المسبّب ليس تفصيلا في الواجب الغيريّ ، بل هو تحديد لمتعلّق الواجب النفسيّ ، ويرجع إلى أنّ الأمر النفسيّ فيما إذا كانت المقدّمات من الأسباب متعلّق بنفس الأسباب دون المسبّبات لعدم القدرة عليها.
هذا مضافا إلى ما فيه من كفاية القدرة مع الواسطة في صحّة التكليف ، والمفروض أنّ المسبّبات مقدورة بواسطة أسبابها.
والقول بلزوم كون المسبّبات من أفعال المكلّف في صحّة التكليف فلا يصحّ التكليف بما يكون صادرا من السبب ولو بالطبع كالإحراق المسبّب من النار ، كما ذهب إليه استاذنا المحقّق الداماد قدسسره غير سديد لما في بدائع الأفكار من أنّ المسبّب من أفعال المكلّف بنظر العرف.
هذا مضافا إلى أنّه يكفى في متعلّق التكليف مجرّد الاستناد إلى المكلّف وإن لم يكن فعلا له ، والمفروض أنّ المسبّب مستند إلى المكلّف بالنظر الدقّيّ (١).
وربّما يخصّص الوجوب الشرعيّ في المقدّمات بالشرعيّ منها واستدلّ عليه بأنّه لو لا وجوبه شرعا لما كان شرطا ، حيث إنّه ليس ممّا لا بدّ منه عقلا أو عادة.
أورد عليه بأنّ توقّف المقدّميّة على الوجوب الغيريّ إن كان في مقام الثبوت يلزم الدور ، فإنّ الوجوب الغيريّ متوقّف على المقدّميّة ، فإن كانت المقدّميّة متوقّفة على الوجوب الغيري لدار ، وهو محال وإن كان التوقّف في مقام الإثبات بمعنى أنّ العلم بالشرطيّة يتوقّف على الوجوب الغيريّ فلا يلزم الدور ، ولكن يرد عليه منع التوقّف المذكور ، وذلك كما أفاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره أنّ الوجوب الغيريّ التبعيّ لا يمكن أن يكون كاشفا عن الشرطيّة لأنّ الملازمة الواقعيّة بين الإرادتين بنحو الكبرى الكلّيّة
__________________
(١) بدائع الأفكار : ١ / ٤٠١.