جميع المقدّمات لعدم المناط فيها على نحو العامّ الاستغراقيّ ، لأنّ البغض لشيء يسري إلى ما هو محقّق وجوده وناقض عدمه وغير الجزء الأخير من العلّة أو مجموع الأجزاء في المركّب غير المترتّب لا ينقض العدم.
وقوله إنّ الجزء التوأم مع سائر الأجزاء مبغوض من قبيل ضمّ ما ليس بالدخيل إلى ما هو الدخيل فإنّ المجموع بما هو مجموع وإن كان مبغوضا لأنّه العلّة التامّة لتحقّق الحرام ، لكن كلّ واحد ليس كذلك بنحو القضيّة الحينيّة لعدم الملاك فيه (١).
يمكن أن يقال : إنّ مقتضى كون النهي هو الزجر عن الفعل هو تعلّق الزجر عن علّة الفعل وهي مقدّماته الموصلة بناء على الملازمة الشرعيّة ، إذ ليس ملاك المبغوضيّة والزجر موجودا في كلّ واحد من الأجزاء مع قطع النظر عن سائر الأجزاء ولو كان الجزء هو الجزء الأخير وعليه ، فلا وجه لتخصيص الزجر والمبغوضيّة بالجزء الأخير لأنّه أيضا أحد الأجزاء وليس فيه ـ مع قطع النظر عن سائر الأجزاء ـ ملاك للمبغوضيّة.
وعليه ، فتخصيص الزجر بالجزء الأخير مع عدم انفكاكه عن سائر الأجزاء كما ترى ، إذ كلّ جزء من دون سائر الأجزاء ليس مخرجا للفعل من العدم إلى الوجود ، بل المخرج هو العلّة التامّة وهي ليست الجزء الأخير من دون سائر الأجزاء. وعليه ، فالناهي يبغض المقدّمات الموصلة المخرجة للفعل من العدم إلى الوجود وهي العلّة التامّة المركّبة من المقدّمات لا كلّ واحد بحيث كان مبغوضا ولو في حال انفكاكه عن بقية الأجزاء ، ولذلك قلنا في محلّه بأنّ حرمة تصوير ذوات الأرواح تقتضي حرمة تصوير جميع أجزاء الصورة الموصلة المنتهية إلى الصورة الكاملة ، لا خصوص الجزء الأخير منها ، ولا بعض الأجزاء منفكّا عن سائر الأجزاء.
__________________
(١) مناهج الوصول : ١ / ٤١٩.