مع ان فى الاولوية المذكورة فى كلام الجماعة بناء على كون وجوب التبين نفسيا ما لا يخفى لان الآية على هذا ساكتة عن حكم العمل بالخبر قبل التبين او بعده فيجوز اشتراك الفاسق والعادل فى عدم جواز العمل قبل التبين كما انهما يشتركان قطعا فى جواز العمل بعد التبين والعلم بالصدق لان العمل (ح) بمقتضى التبين لا باعتبار الخبر فاختصاص الفاسق بوجوب التعرض بخبره والتفتيش عنه دون العادل لا يستلزم كون العادل أسوأ حالا بل مستلزم لمزية كاملة للعادل على الفاسق فتأمل.
(وكيف كان) فقد أورد على الآية ايرادات كثيرة ربما تبلغ الى نيّف وعشرين إلّا ان كثيرا منها قابلة للدفع فلنذكر أولا ما لا يمكن الذبّ عنه ثم نتبعه بذكر بعض ما أورد من الايرادات القابلة للدفع اما ما لا يمكن الذب عنه فايرادان (احدهما) ان الاستدلال ان كان راجعا الى اعتبار مفهوم الوصف اعنى الفسق ففيه ان المحقق فى محله عدم اعتبار المفهوم فى الوصف خصوصا فى الوصف الغير المعتمد على موصوف محقق كما فيما نحن فيه فانه اشبه بمفهوم اللقب ولعل هذا مراد من اجاب عن الآية كالسيدين وامين الاسلام والمحقق والعلامة وغيرهم بان هذا الاستدلال مبنى على دليل الخطاب ولا نقول به.
(اقول) يراد من الاولوية فى كلام الجماعة انه اذا لزم من عدم قبول خبر العادل كونه أسوأ حالا من الفاسق وهو باطل بداهة فحينئذ يكون خبره حجة بطريق اولى بالنسبة الى خبر الفاسق بعد التبين وهذه الاولوية بناء على كون وجوب التبين شرطيا لا اشكال فيها.
(واما) بناء على كون وجوب التبين نفسيا ففيها مضافا الى فساد حمل وجوب التبين على الوجوب النفسى للوجوه التى تقدم ذكرها فى كلامه قدسسره ما لا يخفى لان الآية بناء على وجوب التبين نفسيا ساكتة عن حكم العمل بالخبر قبل التبين او بعده فيجوز اشتراك الفاسق والعادل فى عدم جواز العمل قبل التبين اذ نفى وجوب التبين عن خبر العادل بالوجوب النفسى لا يلازم وجوب القبول والحجية