(قوله من حفظ على امتى اربعين حديثا) ان حفظ من باب علم ومصدره الحفظ بالكسر ويحتمل ان يكون كلمة على بمعنى اللام اى حفظ لاجل امتى اى لانتفاعهم والمراد من حفظ الاحاديث ضبطها وحراستها عن الاندراس ونقلها بين الناس والتفكر فى معناها والعمل بمقتضاها سواء حفظها عن ظهر القلب ونقشها فى لوح الخاطر او كتبها ورسمها فى الكتاب والدفاتر.
(وقال) بعض الاصحاب على ما حكى عنه ان المراد بحفظها الحفظ عن ظهر القلب فانه كان متعارفا معهودا فى الصدر السالف اذ مدارهم كان على النقش فى الخاطر لا على الرسم فى الدفاتر وفيه ان الحفظ اعم من ذلك والتخصيص بلا مخصص وما ذكره للتخصيص ممنوع اذ كتب الحديث فى عهد النبى صلىاللهعليهوآله وعهد امير المؤمنين عليهالسلام ومن بعده من الائمة الطاهرين عليهمالسلام معروف وامرهم بالكتابة مشهور يظهر كل ذلك لمن تصفح الروايات.
(وقال) بعضهم المراد بحفظها تحملها على احد الوجوه المقررة فى اصول الفقه أعنى السماع من الشيخ والقراءة عليه والسماع حال قراءة الغير والاجازة والمناولة والكتابة وفيه ان تحملها على هذه الوجوه اصطلاح جديد فحمل كلام الشارع عليه بعيد على انه لم يثبت جواز تحملها بالثلاثة الاخيرة اى الاجازة والمناولة والكتابة.
(وقال) الشيخ بهاء الملة والدين (ره) فى المحكى ان الظاهر من قوله من حفظ ترتب الجزاء على مجرد حفظ الحديث وان معرفة معناه غير شرط فى حصول الثواب اعنى البعث يوم القيمة فقيها عالما قيل وما قاله الشيخ غير بعيد فان حفظ الفاظ الحديث طاعة كحفظ الفاظ القرآن وقد دعا (ص) لناقل الحديث وان لم يكن عالما بمعناه كما يظهر من قوله (ص) رحم الله امرءا سمع مقالتى فوعاها فاداها كما سمعها فربّ حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه الى من هو افقه منه ولا بعد ان يندرج يوم القيامة بمجرد حفظ اللفظ فى زمرة العلماء فان من تشبه بقوم فهو منهم انتهى وفيه ما لا يخفى من الاشكال الذى ليس هذا المختصر موضع ذكره فراجع الى كتب الحديث.