(والحاصل) ان الظاهر انحصار مدارهم على ابداع ما سمعوه من صاحب الكتاب او ممن سمعه منه فلم يكونوا يودعون الا ما سمعوا ولو بوسائط من صاحب الكتاب ولو كان معلوم الانتساب مع اطمينانهم بالوسائط وشدة وثوقهم بهم حتى انهم ربما كانوا يتبعونهم فى تصحيح الحديث وردّه كما اتفق للصدوق بالنسبة الى شيخه ابن الوليد قدسسرهما وربما كانوا لا يثقون بمن يوجد فيه قدح بعيد المدخلية فى الصدق ولذا حكى عن جماعة التحرز عن الرواية عمن يروى من الضعفاء ويعتمد المراسيل وان كان ثقة فى نفسه كما اتفق بالنسبة الى البرقى بل يتحرزون عن الرواية عمن يعمل بالقياس مع ان عمله لا دخل له بروايته كما اتفق بالنسبة الى الاسكافى حيث ذكر فى ترجمته انه كان يرى القياس فترك رواياته لاجل ذلك وكانوا يتوقفون فى روايات من كان على الحق فعدل عنه وان كانت كتبه ورواياته حال الاستقامة حتى اذن لهم الامام عليهالسلام او نائبه كما سألوا العسكرى عليهالسلام عن كتب بنى فضال وقالوا ان بيوتنا منها ملاء فاذن لهم وسألوا الشيخ أبا القاسم بن روح عن كتب ابن عذافر التى صنفها قبل الارتداد عن مذهب الشيعة حتى اذن لهم الشيخ فى العمل بها والحاصل ان الامارات الكاشفة عن اهتمام اصحابنا فى تنقيح الاخبار فى الازمنة المتأخرة عن زمان الرضا عليهالسلام اكثر من ان يحصى ويظهر للمتتبع والداعى الى شدة الاهتمام مضافا الى كون تلك الروايات اساس الدين وبها قوام شريعة سيد المرسلين صلىاللهعليهوآله ولهذا قال الامام عليهالسلام فى شأن جماعة من الرواة لو لا هؤلاء لاندرست آثار النبوة وان الناس لا يرضون بنقل ما لا يوثق به فى كتبهم المؤلفة فى التواريخ التى لا يترتب على وقوع الكذب فيها اثر دينى بل ولا دنيوى فكيف فى كتبهم المؤلفة لرجوع من يأتى اليها فى امور الدين على ما اخبرهم الامام عليهالسلام بانه يأتى على الناس زمان هرج لا يأنسون إلّا بكتبهم.
(اقول) ملخص الكلام انه من تتبع فى احوال الرواة فى تراجمهم من حيث شدة اهتمامهم ومواظبتهم على حفظ الاحاديث واخذها من الكتب المعتبرة