(الثانى ان وجوب الاجتناب عن كل من المشتبهين هل هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه حذرا من الوقوع فى المؤاخذة بمصادفة ما ارتكبه للحرام الواقعى فلا مؤاخذة الاعلى تقدير الوقوع فى الحرام او هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه من حيث انه مشتبه فيستحق المؤاخذة بارتكاب احدهما ولو لم يصادف الحرام ولو ارتكبهما استحق عقابين فيه وجهان بل قولان اقواهما الاول لان حكم العقل بوجوب دفع الضرر بمعنى العقاب المحتمل بل المقطوع حكم ارشادى وكذا لو فرض امر الشارع بالاجتناب عن عقاب محتمل او مقطوع بقوله تحرز عن الوقوع فى معصية النهى عن الزنا لم يكن إلّا ارشاديا ولم يترتب على موافقته ومخالفته سوى خاصية نفس المأمور به وتركه كما هو شأن الطلب الارشادى والى هذا المعنى اشار صلوات الله عليه بقوله اتركوا ما لا بأس به حذرا عما به البأس وقوله عليهالسلام من ارتكب الشبهات وقع فى المحرمات وهلك من حيث لا يعلم.
ـ (اقول) هذا العنوان خال عن الوجه بناء على مذاق الاصوليين حيث انهم اختلفوا فى اخبار الاحتياط على قولين فحملها بعضهم على الاستحباب والآخر على الارشاد وليس منهم من يقول بالوجوب الشرعى وحرمة الارتكاب باحد اطراف الشبهة ولو لم يصادف الحرام وعلى التقديرين لا وجه للالتزام بالوجوب الشرعى على مذاقهم.
(وقد تقدم البحث من تلك الجهة) فى التنبيه الثالث من تنبيهات البراءة حيث قال قدسسره انه لا اشكال فى رجحان الاحتياط عقلا ونقلا كما يستفاد من الاخبار المذكورة وغيرها ولكن هل الاوامر الشرعية للاستحباب فيثاب عليه وان لم يحصل به الاجتناب عن الحرام الواقعى او غيرى بمعنى كونه مطلوبا لاجل التحرز عن الهلكة المحتملة والاطمينان بعدم وقوعه فيها فيكون الامر به ارشاديا