(فان قلت) قد ذكر العدلية فى الاستدلال على وجوب شكر المنعم بان فى تركه احتمال المضرة وجعلوا ثمرة وجوب شكر المنعم وعدم وجوبه استحقاق العقاب على ترك الشكر لمن لم يبلغه دعوة نبى زمانه فيدل ذلك على استحقاق العقاب بمجرد ترك دفع الضرر الاخروى المحتمل (قلت) حكمهم باستحقاق العقاب على ترك الشكر بمجرد احتمال الضرر فى تركه لاجل مصادفة الاحتمال للواقع فان الشكر لما علمنا بوجوبه عند الشارع وترتب العقاب على تركه فاذا احتمل العاقل العقاب على تركه فان قلنا بحكومة العقل فى مسئلة دفع الضرر المحتمل صح عقاب تارك الشكر من اجل اتمام الحجة عليه بمخالفة عقله وإلّا فلا.
ـ (محصل الاشكال) ان قولكم الضرر الاخروى لا يترتب على ترك دفعه الا نفسه وتابع لواقعه لا يثبت بمجرد احتماله حتى انه لو قطع به ثم لم يدفعه واتفق عدمه واقعا لم يعاقب عليه الا من باب التجرى يخالف ما ذهب اليه العدلية فى مسئلة وجوب شكر المنعم من احتمال المضرة الاخروية فى تركه وجعلوا ثمرة وجوب شكر المنعم وعدم وجوبه استحقاق العقاب على ترك الشكر لمن لم يبلغه دعوة نبى زمانه فيدل ذلك على استحقاق العقاب بمجرد ترك دفع الضرر الاخروى المحتمل واما من بلغه دعوة نبى زمانه فوجب الشكر عليه بدعوة النبى لا بالعقل
(واعلم) ان مسئلة وجوب شكر المنعم مسئلة كلامية عنونها المتكلمون فى باب وجوب معرفة الصانع وهى من جملة المسائل التى اختلف فيها العدلية والاشاعرة ولا ريب ان النزاع بينهم بعد اتفاقهم على وجوب المعرفة فى ان الحاكم به هو العقل او الشرع خاصة.
(وقد استدل العدلية) على وجوب المعرفة باستقلال العقل بوجوب شكر المنعم المتوقف على معرفته بحيث يستحق تاركه الذم والعقاب وقد جعلوا ثمرة