(والحاصل) ان النواهى المطلوب فيها حمل المكلف على الترك مختصة بحكم العقل والعرف بمن يعد مبتلى بالواقعة المنهى عنها ولذا يعد خطاب غيره بالترك مستهجنا الاعلى وجه التقييد بصورة الابتلاء ولعل السر فى ذلك ان غير المبتلى تارك للمنهى عنه بنفس عدم الابتلاء فلا حاجة الى نهيه فعند الاشتباه لا يعلم المكلف بتنجز التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعى وهذا باب واسع ينحل به الاشكال عما علم من عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة فى مواقع.
ـ (اقول) مما يعتبر فى تأثير العلم الاجمالى امكان الابتلاء بكل واحد من الاطراف فلا اثر للعلم الاجمالى اذا كان بعض اطرافه خارجا عن مورد الابتلاء(توضيح ذلك) ان المطلوب فى باب النواهى مجرد الترك واستمرار العدم كما ان المطلوب فى باب الاوامر هو مجرد الفعل ولا اشكال فى اعتبار القدرة العقلية على كل من طرفى الفعل والترك فى صحة كل من الامر والنهى وإلّا لزم التكليف بما لا يطاق او بتحصيل الحاصل ففى اعتبار القدرة العقلية يشترك الامر والنهى (ولكن) يختص النهى بقيد زائد وهو انه يعتبر فى صحته مضافا الى القدرة العقلية على فعل المنهى عنه القدرة العادية عليه بحيث يتمكن المكلف عادة من نقض العدم وفعل المنهى عنه ولا يكفى فى صحة النهى مجردة القدرة العقلية على الفعل لاستهجان التكليف بترك ما لا يقدر على فعله فان الترك حاصل بنفسه فلا يصح النهى المطلق عن شرب الخمر الموجود فى اقصى بلاد الهند مع عدم امكان الابتلاء به عادة نعم يصح النهى عنه مقيدا بصورة حصول القدرة العادية ولو على خلاف العادة.
(قال بعض المحققين) فى المقام انما زيد هذا القيد اى اعتبار القدرة العادية فى خصوص النواهى ولم يعتبر فى الا وامر التمكن العادى من العقل