(وانما الكلام) هنا فى حكم الواقعة من حيث جريان اصالة البراءة وعدمه فان فى المسألة وجوها ثلاثة الحكم بالاباحة ظاهرا نظير ما يحتمل التحريم وغير الوجوب والتوقف بمعنى عدم الحكم بشىء لا ظاهرا ولا واقعا ومرجعه الى الغاء الشارع لكلا الاحتمالين فلا حرج فى الفعل ولا فى الترك بحكم العقل وإلّا لزم الترجيح بلا مرجح ووجوب الاخذ باحدهما بعينه او لا بعينه (ومحل هذه الوجوه) ما لو كان كل من الوجوب والتحريم توصليا بحيث يسقط بمجرد الموافقة اذ لو كانا تعبديين محتاجين الى قصد امتثال التكليف او كان احدهما المعين كذلك لم يكن اشكال فى عدم جواز طرحهما والرجوع الى الاباحة لانها مخالفة قطعية عملية وكيف كان فقد يقال فى محل الكلام بالاباحة ظاهرا لعموم ادلة الاباحة الظاهرية مثل قولهم (ع)
ـ (اقول) قد تقدمت الاشارة الى انه اذا كان دوران الامر بين المحذورين فى التوصليات مع وحدة الواقعة فالاقوال فيه خمسة فعلى هذا ما ذكره قدسسره ان فى المسألة وجوها ثلاثة مبنى على جعل وجوب الاخذ باحدهما شيئا واحدا له قسمان الاخذ باحدهما تعيينا والاخذ باحدهما تخييرا.
(وكيف كان) اذا دار الامر بين وجوب شيء وحرمته لعدم نهوض حجة على احدهما تفصيلا بعد نهوضها عليه اجمالا ففيه وجوه خمسة.
(الاول) الحكم بالبراءة شرعا وعقلا نظير الشبهات البدوية عينا وذلك لعموم ادلة الاباحة الشرعية وحكم العقل بقبح المؤاخذة على كل من الفعل والترك جميعا.
(الثانى) وجوب الاخذ بجانب الحرمة لقاعدة الاحتياط حيث يدور الامر فيه بين التعيين والتخيير ولظاهر ما دل على وجوب التوقف عند الشبهة ولان دفع المفسدة اولى من جلب المنفعة.