ـ (قوله واما حكمهم بوجوب دفع الضرر المظنون شرعا الخ) دفع لما ربما يقال من ان حكم العقل بوجوب دفع الضرر حتى مع القطع مطلقا وحكم الشرع فى الضرر الاخروى ارشادى لا يؤثر مخالفته فى استحقاق العقوبة الا على تقدير مصادفة ما ارتكبه للحرام الواقعى فاذا كان الامر بالنسبة الى الضرر المقطوع كذلك ولو كان ضررا اخرويا فما الوجه فى حكم الاصحاب باستحقاق العقاب على ترك دفع الضرر الدنيوى المظنون شرعا كما يظهر من حكمهم بالاتمام فى السفر المظنون الخطر من حيث كونه معصية.
(حاصل ما افاده قدسسره) فى الجواب عن الاشكال المذكور ان الاحكام الظاهرية والطرق المعتبرة ليست احكاما ارشادية وكما ان العقاب ثابت على مخالفة الاحكام الواقعية كذلك يكون ثابتا على مخالفة الاحكام الظاهرية والعقاب فى المثال المذكور لاجل ان الضرر الدنيوى حرام شرعا قد قامت الادلة النقلية على تحريم ارتكاب الضرر الدنيوى مع قطع النظر عن حكم العقل فان الضرر الدنيوى ليس كالضرر الاخروى فى عدم القابلية للحكم الشرعى المولوى فالضرر الدنيوى الواقعى اذا قطع به ترتب عليه الحرمة لاحراز الواقع واما اذا ظن به وقام الدليل على حجية الظن المتعلق به فيكون الظن بالضرر كالعلم به.
(إلّا ان العلم) طريق ذاتى والظن طريق جعلى فالضرر الدنيوى مبغوض عند الشارع وحرام بالحرمة النفسية وموضوع لانشائه حكم الحرمة عليه كسائر الموضوعات المحكومة شرعا بالحرمة وكما ان الشارع جعل طرقا اليها ويستحق المكلف العقوبة بترك العمل بها كخبر الواحد والبينة واليد وسوق المسلمين وغير ذلك من الامارات المجعولة بدلا عن الواقع فى صورة عدم العلم به كذلك جعل الظن بالضرر طريقا اليه بحيث يعاقب على ترك العمل بمقتضاه فالمقدم على الضرر المظنون كالمقدم على الضرر المقطوع مستحق للعقاب كما لو ظن سائر المحرمات بالظن المعتبر.