ـ إلّا بعد جعل الاجتناب عن الآخر بدلا عن الاجتناب عن الحرام الواقعى المعلوم بالاجمال لان رفع اليد عن الواقع ولو على بعض التقادير بعد العلم به من دون جعل البدل قبيح عند العقل فلو ورد ما يدل على الاذن فى بعض المقامات فلا بد ان يجعل كاشفا عن جعل البدل.
(ولكن يمكن ان يقال) انه لا يحتاج الى حكم الشارع بالاجتناب بامر آخر وجعله بدلا بل العقل الحاكم بوجوب دفع الضرر يحكم به فانه يحكم بوجوب الاجتناب عن كليهما دفعا للضرر المحتمل فاذا ثبت حكم الشارع بجواز ارتكاب احدهما انتفى موضوع حكم العقل المزبور وبقى حكمه بوجوب دفع الضرر المقطوع فيجب الاجتناب عن احدهما فرارا عن المخالفة القطعية وحينئذ يحكم العقل باجتزاء الشارع باجتناب احدهما وكونه بدلا عن الواقع من غير احتياج الى حكم الشارع بذلك ولعل مراد المصنف من حكم الشارع على ما تعرض له بعض المحشين هو الاعم من التأسيس والامضاء هذا.
(وحاصل) معنى قوله عليهالسلام ان كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف ان فى ارتكابه فقط او فى ارتكابه المقرون مع ارتكاب غيره ارتكابا للحرام والاول فى العلم التفصيلى والثانى فى العلم الاجمالى.
(ولا يخفى) ما فيه من ان الرواية المذكورة ظاهرة فى اعتبار العلم التفصيلى فى الحرمة حيث ان قوله عليهالسلام بعينه فى هذا الخبر قيد للمعرفة فمؤداه اعتبار معرفة الحرام بشخصه ولا يتحقق ذلك إلّا اذا امكنت الاشارة الحسية اليه فيكون مفاد الرواية هو ما ذكره اولا من جعل غاية الحلية هى معرفة الحرام بعينه وكون ارتكابه فقط موجبا لارتكاب الحرام وما ذكره اخيرا لدخول العلم الاجمالى غير ظاهر من الرواية.
(ولكن قد اشرنا فيما تقدم) الى ان هذا الظهور غير معمول به عند الاصحاب