جفاف المتنجِّس بكل من الشمس والريح ، وإما أن يبقى بحاله ليكون معناه اعتبار مطلق الجفاف فيه بحمل ذكر الشمس والريح على بيان أمر عادي غالبي لأنه على الغالب يستند إلى إصابة الشمس أو إلى الرياح. والمتلخص : أن هذه الصحيحة على خلاف الصحيحة المتقدِّمة لا يمكن الاستدلال بها على مطهرية الشمس للأرض.
بل يمكن أن يقال : إن ظاهرها يقتضي اعتبار الجفاف حال الصلاة لقوله : « وكان جافاً » فالجفاف الحاصل قبلها لا اعتبار به حتى إذا كان مستنداً إلى إشراق الشمس وإصابتها ، كما إذا جففت الأرض باشراق الشمس أوّلاً ثم ترطبت حال الصلاة. وعلى ذلك فالصحيحة كما لا دلالة لها على مطهرية الشمس كذلك لا دلالة لها على ثبوت العفو عن نجاسة الأرض بعد إصابة الشمس إلاّ فيما إذا كانت يابسة حال الصلاة.
والإنصاف أن الصحيحة إما أنها ظاهرة في ذلك وإما أنها مجملة لترددها بين المعنيين المتقدمين ، فلا يمكن الاستدلال بها على كل حال.
ومنها : موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث قال : « سئل عن الموضع القذر يكون في البيت أو غيره فلا تصيبه الشمس ، ولكنه قد يبس الموضع القذر قال : لا يصلى عليه ، وأعلم موضعه حتى تغسله. وعن الشمس هل تطهِّر الأرض؟ قال : إذا كان الموضع قذراً من البول أو غير ذلك فأصابته الشمس ثم يبس الموضع فالصلاة على الموضع جائزة ، وإن أصابته الشمس ولم ييبس الموضع القذر وكان رطباً فلا يجوز الصلاة حتى ييبس ، وإن كانت رجلك وجبهتك رطبة أو غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع القذر فلا تصل على ذلك الموضع حتى ييبس ، وإن كان غير الشمس أصابه حتى ييبس فإنّه لا يجوز ذلك » (١). حيث إن قوله عليهالسلام « فالصلاة على الموضع جائزة » يدلنا على طهارة الموضع المتنجِّس بالشمس وذلك بقرينة أن السؤال في الرواية إنما هو عن طهارة الموضع ونجاسته لقوله : « وعن الشمس هل تطهر الأرض » فبذلك يظهر أن جواز الصلاة حينئذ من أجل طهارة المكان لا للعفو عن نجاسته حال الصلاة ، وإلاّ لم يتطابق السؤال والجواب ، هذا.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٥٢ / أبواب النجاسات ب ٢٩ ح ٤.