وقد يقال : إن الرواية لا يستفاد منها أزيد من سببية تجفيف الشمس لجواز الصلاة فلا دلالة لها على الطهارة ، بل ربما يستشعر من عدول الإمام عليهالسلام إلى الجواب بجواز الصلاة ، عدم الطهارة فيكون الرواية حينئذ شاهدة للقائلين بالعفو وكذا ظاهر قوله عليهالسلام « وإن كانت رجلك رطبة ... » بناء على رجوع الضمير في ييبس إلى الجبهة والرجل لا إلى الموضع حتى يلزم التكرار. مؤكداً ذلك بما عن الوافي (١) وحبل المتين (٢) من قوله عليهالسلام : « وإن كان عين الشمس » بالعين المهملة والنون بدلاً عن « غير الشمس » لأنها على ذلك صريحة في عدم طهارة الموضع بإصابة الشمس وإشراقها عليه. وكلمة « إن » على تلك النسخة وصلية ، كما أن قوله : « فإنّه لا يجوز ذلك » تأكيد لعدم جواز الصلاة على ذلك الموضع حتى ييبس.
وهذه الدعوى يبعّدها أُمور :
الأوّل : ما تقدّم من أن الرواية بقرينة السؤال فيها ظاهرة في طهارة الموضع.
الثاني : أن الضمير في « ييبس » غير راجع إلى الجبهة أو الرجل بل الظاهر رجوعه إلى « الموضع » لقربه ، ولأن مرجع الضمير لو كان هو الجبهة أو الرجل لكان الأولى أن يقول « حتى تيبس » بدلاً عن « ييبس » وذلك لأن الجبهة والرجل مؤنثتان إحداهما لفظية والأُخرى معنوية.
الثالث : أن كلمة « إن » لو كانت وصلية لكان المتعيّن أن يقول : وإن كان عين الشمس أصابته حتى يبس بدلاً عن « ييبس » لأن « إن » الوصلية إنما يؤتى بها في الأُمور مفروضة التحقق والوجود ، وهي مدلول الأفعال الماضية دون المستقبلة. ومعنى الجملة حينئذ أن عين الشمس لا توجب طهارة الموضع وإن كانت أصابته وجففته ، ولا يصح في مثله أن يقال ولو كانت تجففه بعد ذلك بصيغة المضارع ، لأنه ينافي مفروضية التحقق بل استعمالها غلط أو شبه الغلط. نعم في كلمة « إن » الشرطية لا يفرق الحال بين الماضي والمضارع.
__________________
(١) الوافي ٦ : ٢٣٢ / ٤١٧٩.
(٢) حبل المتين : ١٢٥.