تقييدها بغير الأشياء القابلة له ، وذلك للأمر الوارد بغسل البدن والثياب أو غيرهما من المتنجِّسات ، حيث يدلنا على عدم حصول الطهارة بغير الغسل بالماء ، إذ الأمر في الأخبار المشتملة عليه وإن كان للإرشاد إلاّ أن ظاهره التعيين وأن الغسل بالماء متعيّن في التطهير ، فالتخيير بين الغسل بالماء وغيره يحتاج إلى دليل وهو يختص بالأشياء غير القابلة للانتقال ، فلا يكتفى باشراق الشمس في تطهير الأُمور القابلة له.
ويؤيده ما ورد في الفقه الرضوي من قوله عليهالسلام « ما وقعت الشمس عليه من الأماكن التي أصابها شيء من النجاسة مثل البول وغيره طهّرتها. وأما الثياب فلا تطهر إلاّ بالغسل » (١) حيث خص مطهرية الشمس بالأشياء غير القابلة للانتقال وبعد هذين التقييدين لا يبقى مجال للمناقشة في دلالة الرواية بوجه. وإنما الكلام في سندها وهو ضعيف وغير قابل للاستناد إليه ، لاشتماله على عثمان بن عبد الله وأبي بكر الحضرمي والأول مجهول والثاني غير ثابت الوثاقة ، فإن قلنا بأن اعتماد جماعة من المتقدمين والمتأخرين وعملهم على طبق رواية ضعيفة جابر لضعفها فهو ، وإلاّ لم يصح الاعتماد عليها في الاستدلال.
وربما يقال من أن في رواية الأساطين لها كالمفيد والشيخ والقميين كأحمد بن محمد ابن عيسى وغيره نوع شهادة بوثاقة رواتها لأنهم لا ينقلون عن الضعفاء ، بل كانوا يخرجون الراوي من البلد لنقله الرواية عن الضعيف ، فإن قضية أحمد بن محمد ونفيه البرقي وإبعاده من بلدة قم معروفة في كتب الرجال ، ومع هذا كيف يصح أن ينقل هو بنفسه عن الضعيف ، ومعه لا مناص من الاعتماد على الرواية في المقام.
ولكن لا يمكن المساعدة عليه بوجه ، لأن نقل هؤلاء الأعاظم من غير الثقة كثير وقد ذكرنا في محلِّه أن مثل ابن أبي عمير قد ينقل عن الضعيف ولو في مورد ، فلا يمكن الاعتماد على مجرّد روايتهم فإنّها لا تستلزم توثيق المخبر بوجه (٢).
وأمّا حديث نفي البرقي من بلدة قم فهو مستند إلى إكثاره الرواية عن الضعفاء
__________________
(١) المستدرك ٢ : ٥٧٤ / أبواب النجاسات ب ٢٢ ح ٥ ، فقه الرضا : ٣٠٣.
(٢) معجم رجال الحديث ١ : ٦٠.